هل من المعقول أن تنقضي هذه العقود من سيرة عطاء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، من دون أن تنبري جهة وطنية من تلك الجهات سواء التي أنشأها سموه من عدم، أو تلك التي شهدت على يديه الكريمتين عقود ازدهارها، بإطلاق مشروع مؤلَّف يحكي سيرة الأمير سلمان بن عبدالعزيز، رجل الدولة فريد الطراز، المؤرخ الذي لا يشق له غبار، النسابة المحيط بعلوم قبائل الوطن العربي وليس المملكة وحسب، صاحب المدرسة الإدارية الكبرى التي تخرجت فيها نخبة من كبار مسؤولي الدولة وقياداتها التنموية، مهندس طفرة الرياض الكبرى الذي صنع منها على مدار خمسين عاماً، واجهة مشرفة لدولة في قامة بلادنا، وزيرالدفاع الذي تشهد الوزارة في عهده نقلة نوعية وحركة كبيرة في سبيل تأمين حدود الوطن وسيادته، وقبل ذلك وبعده سلمان بن عبدالعزيز الإنسان، بكل ما تعنيه الكلمة وتحويه من قيم ومواقف لا تنسى، تحتفظ بها ذاكرة كل من تعرض لإشعاع هذه الشخصية الآسرة التي تركت في كل موقع شغلته مئات القصص والمواقف، لكل قصة مغزى إنساني وقيادي، ولكل موقف دلالة عميقة. لا أظن أنه من المصلحة الوطنية أن نتأخر في إصدار هذه السيرة بالغة الأهمية ولا نوثقها في مؤلف ضخم يجسد شموخ رجال الوطن الكبار، نعرف بها العالم، ونقدمها لأجيال الوطن أنموذجاً ومثالاً يحتذى وقيمة تقتدى، فما أحوجنا إلى أن نحفظ سيرة مثل هذه الشخصية الوطنية الفذة التي ارتبط ذكرها بمآثر الوفاء والكرم والعلم والحكمة والذكاء، غضة طرية لأجيال الوطن، تكون لهم زاداً في زمن مقبل لن يقدم لهم فيه سوى السموم التي تحشى بها رؤوسهم، في ظل هجمة العولمة الضارية التي تستهدف أول ما تستهدف، هذه الرموز الوطنية الكبرى، حتى تقطع الصلة بين الأجيال وهذه النماذج الوطنية الفريدة، حتى تمحو هويتها وتقتلعها من جذورها. إن الصمت أكثر من ذلك على تدوين سيرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، تقصير ندعو إلى تداركه، من قبل الجميع أفرادا ومؤسسات، ولا سيما المؤسسات التي صنعها سلمان بن عبدالعزيز، ضمن مآثر كثيرة صنعها في ماضي هذا الوطن وحاضره، وما زال يصنعها -حفظه الله- بثبات وجد وحكمة ودراية وحنكة امتلكها على مدار أعوام عمر مبارك أمضاه سموه في عمل مضنٍ لم يعرف الراحة ولم يتذوق طعم الهدوء حتى وهو في إجازاته التي لم تكن سوى فترات عمل عن بعد. فعلى هذه المؤسسات الثقافية والتاريخية الكبرى في بلادنا أن يبادروا إلى هذا المشروع الذي لا يحتمل التأخير أكثر من ذلك، ولاسيما أمام هذا الكم الهائل من الشهادات التي ينبغي جمعها من صدوركثير من العلماء والوزراء وشيوخ القبائل ووجهاء البلدان وضيوف المملكة الكبار الذين تربطهم بسموه روابط وثيقة، فوجود هؤلاء بيننا وحولنا اليوم فرصة لا ينبغي التسويف في اقتناصها، حتى نجمع أكبر قدر ممكن من الشهادات في حق هذه الشخصية العظيمة. فإن لم يكن لدى تلك المؤسسات تصور لمثل هذا العمل الكبير في الوقت الحالي، فلا بأس من أن يفتحوا الباب لطلاب الأمير سلمان بن عبدالعزيز ومحبيه والراغبين في تدوين سيرته أن يتقدموا لهم بأبحاث محكمة تجمع ضمن مشروع مؤلفات متنوعة وكلهم حماسة ورغبة، إن لم يكن بعضهم بالفعل وأنا احدهم، قد بدأ جمع ما يحيط به من سيرة أمير التاريخ وتدوين ما لسموه الكريم علينا من أياد غمرنا من خلالها بكرمه ووقفاته العظيمة. فهو تاريخ تدعو الحاجة إلى تدوينه بحق، ليس تكريماً لسمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز، فسلمان بن عبدالعزيز كرم نفسه قبل أن يكرمه أحد بمنجزاته الحضارية والإنسانية والثقافية والإدارية، وأيضاً ببصمته السياسية ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع وعضداً لسيدي خادم الحرمين الشريفين، وصانع قرار حكيم يسهم إلى جانب خادم الحرمين الشريفين في إدارة دفة الوطن بحكمة واقتدار، لكن المستفيد الحقيقي هو وطننا الذي من حقه علينا أن نحفظ له سيرة رجاله الكبار، ونسطر مآثر قادته وأبطاله، وحتى يعلم العالم بأسره، أن ثروة بلادنا الحقيقية الرجال، لا المال.