في يوم الخميس التاسع من شهر صفر عام 1435ه ودعنا بكل أسى والدنا الشيخ سليمان بن محمد الزبن، من طلاب العلم الشرعي في محافظة البكيرية، ومن رموز الزهد والتقى، كان رحمه الله محباً للخير وداعياً إلى بذل المعروف، مكفكفاً دموع المحتاجين بحسن رعايته.. تابع طوال حياته أحوال أهالي المحافظة وسعى بخفية لقضاء حوائجهم. وقد ظهرت نيته الحسنة الطاهرة يوم وفاته؛ ظهرت متمثلة بكثرة المشيعين لجنازته -رحمه الله- وبكثرة الذاكرين لفضائله، والمثنين على أفعاله الطيبة؛ بكاه الكبير والصغير والغني والفقير والمواطن والمقيم. حادثة وفاته انفطرت لها القلوب حزناً، وانهمرت لها الدموع أسى، وقرعت على الرؤوس وعظاً، ذلك الخطب الجلل ألح على خاطري باستعراض شريط حياته؛ كيف كان في بيته مع زوجاته وأبنائه وأحفاده؟.. كان سمحاً لطيفاً، حضوره خفيف على القلوب، وروحه مرحة تبهج النفوس، كان مهاباً مع بسمته، محترماً بتواضعه، يوجه ويربي بلطف ولين، لم نسمع له صوتاً مرتفعا ولا زجراً منفراً، ولم نر منه نظرة مخيفة. كنت في صغري ألحظ سمته ووقاره وطمأنينة تحفه، وكنت أظن أن هذه سمات كبار السن، لكن مع مرور الأيام أدركت موقنة بأن تلك الصفات لا تتوافر إلا لتقي ورع، هي سمات طالب الآخرة الزاهد بالدنيا ومظاهرها.. كان محباً للخير، حاثاً على طلب العلم، وقد كان -رحمه الله- مطلعاً على الجديد من الأحداث، مشاركاً في المناسبات الخيرة، مبادراً إلى اجتماعات البر وصلة الأرحام وداعياً إليها. وحق لمحافظة البكيرية أن تفخر بأن ثراها ضم طيب أفعاله، بعد أن حملت أرضها أكثر من تسعين عاماً جسده المسخر -بفضل الله- لكل خير، وعقله المتنبه لحاجاتها، وقلبه النابض بالوفاء لأبنائها، وصدره المتسع لكل شاك ومحتاج. كلنا لوالدنا الشيخ سليمان فاقدون، إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع، وإننا على فراقك يا والدنا لمحزونون. غفر الله لك ولوالديك، وأنزلك منازل الصديقين والشهداء والصالحين، ورفع درجاتك في عليين، وخلف لك في عقبك، وجبر كسر قلوبنا. ومما نعزي به أنفسنا أننا سنظل نستنشق أريج ذكراك، ونتأسى بحسن أخلاقك، ونستنير بنور سيرتك، ونستظل بوارف غراسك، فصنائع معروفك مثمرة بعون الله وتوفيقه: من يصنع الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس