تضخم القوة والحضور الإرهابي القوي لتنظيم دولة العراق والشام الإسلامية «داعش» أثار دهشة العديد من المواطنين العرب والمسلمين الذين «احتاروا» من بروز مثل هذه التنظيمات الإرهابية بصورة مفاجئة، مثلها مثل الفقاعات التي تسبق الانهيارات الاقتصادية والتراجع السياسي. «دولة العراق والشام الإسلامية» ظهرت أول ما ظهرت في العراق تحت مسمى «دولة العراق الإسلامية»، وقد عُدَّت فرعاً من فروع تنظيم القاعدة الإرهابي، وانتشرت في المناطق المحيطة ببغداد وبالذات في أجزاء من محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار، وأقام ما يُسمى بأمير دولة العراق الإسلامية في محافظة ديالى. إلا أن مقاتلي العشائر «الصحوات» هزموا مقاتلي هذا التنظيم الإرهابي فتشتتوا وتم القبض على العديد من «أمراء» التنظيم وأودعوا السجون العراقية، وفرّ الكثير منهم مع مجاميع قتالية أخرى إلى سورية حيث احتضنهم نظام بشار الأسد، وحصل تعاون وتنسيق بين التنظيم والمخابرات السورية التي تولت تسهيل مهمة تهريب مقاتلي التنظيم وتوفير الحماية لقادته من خلال تنقلهم في منطقة الحدود العراقية -السورية، وقد تم من خلال تنسيق العمل مع مجموعة أخرى اخترقتها المخابرات السورية ووظفت مقاتليها في العديد من العمليات الإرهابية وبالذات في لبنان وبالتحديد في المخيمات الفلسطينية، حيث نشط قادة التنظيمات المتشددة المنتمية لتنظيم القاعدة في مثلث الأراضي السورية واللبنانيةوالعراقية، وبرز من بين هؤلاء القادة «الجولاني» الذي يظهر في كنيته أنه من أبناء الجولان، وقد أغرته المخابرات السورية بأن تنظيمه سيكون نواة لفصيل مقاومة داخل مدن وقرى الجولان، ووُضعت تحت تصرفه الإمكانيات المادية والتنظيمية، ووُجه إلى تنظيم المقاتلين في المخيمات الفلسطينية والمتطوعين الجهاديين من السوريين والعرب والقادمين من القوقاز وبالذات من أبناء الشيشان، وهذا ما مكن المخابرات السورية من معرفة تحرك الجهاديين القادمين من الشيشان والسعودية والخليج واللبنانيين والفلسطينيين والعراقيين الذين أصبحوا بعلمهم أو بدون علمهم مجندين لخدمات المخططات السورية التي كان لاختراق مخابراتها الأثر الفعال في السيطرة على التنظيم. ولكي يكون العمل محكماً تم القبض على «أمراء» هذا التنظيم وزُجّ بهم في السجون السورية حيث أُخضعوا إلى مساومات ومقايضات حوَّلت التنظيم إلى ذراع إرهابي للنظام السوري الذي أخرج تلكم «الأمراء» وسمح لهم بالتوجه إلى منطقة الحدود العراقية، وهناك تم الالتقاء بالتنظيم الرديف «دولة العراق الإسلامية» الذي سهلت حكومة المالكي تهريب قادته من السجون العراقية ليتم الاتفاق على الاندماج في تنظيم واحد اتفق على أن يحمل مسمى «دولة العراق والشام الإسلامية» «داعش»، وأن يكون أيره عبدالله البغدادي، إلا أن النزعات القطرية لدى الجولاني الذي وجد أنه يبتعد عن هدفه «تحرير الجولان» كما زعم نظام بشار في مساندته، جعله ينشق وينفصل بتنظيمه الذي اسماه «جبهة النصرة» والذي يضم المجاهدين السوريين، في حين حافظ البغدادي على مسمى دولة العراق والشام الإسلامية «داعش» والذي احتفظ بالمقاتلين العرب والأجانب إضافة إلى العراقيين. ومع أن التنظيمين ما زالا يرتبطان بعهد الولاء والطاعة بتنظيم القاعدة إلا أن الطموحات القيادية لكل من الجولاني والبغدادي باعدت بين التنظيمين اللذين أصبحا ذراعين إرهابيين يدعمان مخططات إيران ونظام بشار الأسد، بدليل عدم اشتباكهما في أي معركة مع قوات بشار الأسد والمليشيات الطائفية الأخرى، وظهور وثائق وصور لضباط مخابرات بشار الأسد تظهرهم يقاتلون ضمن هذا التنظيم.