لقد تابعت ملتقى الخدمة الاجتماعية لقطاع الأعمال الذي نظمته الرئاسة العامة لرعاية الشباب واللجنة الاولمبية السعودية، والذي أقيم خلال هذا الاسبوع تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب. ولعل ما لفت انتباهي هو تسليط الضوء على دور الأندية و الانجازات الرياضية للاسهام بمجال مسؤولياتها الاجتماعية تجاه الشباب والمجتمع بشكل عام، وهو ما اتضح مدى الاهتمام به عبر تقديم جائزة العطاء للمسؤولية الاجتماعية لأفضل لاعب وأفضل ناد وأفضل اتحاد في مجال المسؤولية الاجتماعية للشباب بعد فرز نتائج التصويت. وكمفهوم عام فإن المسؤولية الاجتماعية تهدف إلى تعزيز الاعمال الموجهة من قبل الهيئات والشركات والاندية نحو المجتمع بشكل عام عبر تشجيع التطور والنمو لافراده، بحيث يتم ذلك في المؤسسة عبر خطة استراتيجية تنبثق من الاستراتيجية العامة للشركة أو النادي والتي من المفترض أن تخدم نفس نشاط الجهة التي تقوم عليها. فالمسؤولية الاجتماعية للأندية لابد لها أن تخدم الرياضة وصناعتها وتساعد المجتمع من خلال زيادة فرص العمل والمحافظة على البيئة عبر استغلال شعبية وشهرة نجوم النادي الحاليين وكذلك اللاعبين السابقين ممن يتمتعون بشعبية عالية بالمجتمع وبالتالي فهي نوع من أنواع الاستثمار طويل الأمد تجاه المجتمع. وبالنظر للاندية العالمية في أوروبا لكرة القدم والتي نفذت برامج المسؤولية الاجتماعية واتجهت نحو المجتمع عبر إستراتيجية منهجية نجد أنها حافظت على العلاقة بينها وبين جمهورها وعززت الارتباط بهم، بل إن هناك أندية أنشأت مؤسسات خيرية مستقلة باسم النادي ولم تكتف بإدارة داخلية فقط، والذي انعكس بدوره على ولاء ذلك الجمهور للنادي وزيادة ثقته بناديه، وبالتالي زيادة الارتباط به عبر التزامه بحضور مبارياته وشراء منتجاته الرياضية والذي سيؤثر بصورة مباشرة وجيدة على إيرادات النادي ومدخولاته، وبالتالي فإن العلاقة أصبحت طردية بمعنى كلما زاد إنفاق النادي على تعزيز الصورة الذهنية عنه لدى أفراد المجتمع زاد ولاء الجمهور له، وبالتالي أثر ذلك بصورة مباشرة ومستمرة على العائد الاستثماري للنادي. ويمكننا القول إن ما تتمتع به لعبة كرة القدم من شعبية واسعة واهتمام كبير من قبل غالبية أفراد المجتمع بشكل عام لدينا وفي كل العام كذلك، بل وحتى على المستوى المؤسسي العالمي، حيث ينفق الفيفا ما يقارب 30 بالمائة من ميزانيته السنوية في جوانب المسؤولية الاجتماعية، جعل من الضروري على جميع الاندية وحتى الاتحاد السعودي لكرة القدم الاهتمام وتفعيل ذلك الجانب المهم جدا للمجتمع وأفراده. وبالرغم من انتشار مفهوم المسؤولية الاجتماعية منذ فترة زمنية في العديد من الشركات والجهات داخل المجتمع, إلا أنه ما زال غائباً بصورة واضحة عن كثير من الاندية إن لم تكن جميعها، حيث إن المسؤولية الاجتماعية لابد أن تكون لها إدارة مستقلة داخل النادي وميزانية سنوية وخطة إستراتيجية، بالاضافة إلى خطة تنفيذية سنوية ضمن متطلبات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، بالاضافة إلى أنه لابد من انتشار ذلك الفكر على القياديين في إدارة النادي. وبالاضافة إلى كرة القدم لابد من تفعيل دور الرياضات الأخرى والتي لها شريحة واسعة من متابعيها والعديد من الانجازات مثل استثمار شهرة أبطال ألعاب القوى وكذلك الالعاب الفردية كالتنس، كي يتم تغطية النشاط الرياضي بصورة عامة وعدم اختزاله بلعبة واحدة. ولكي تتمكن من النجاح في ترسيخ الصورة الاجتماعية الجيدة للنادي لابد البدء من النادي نفسه، بحيث يتم القضاء على المشاكل الداخلية التي تحدث للاعبين والاداريين بحد سواء، خصوصا من ناحية تأخر الرواتب أو المستحقات المالية ، أو من ناحية الأمان الوظيفي للعاملين به ، ومن جانب آخر لابد من وجود عمل مؤسسي مشترك بين كل من الاندية الرياضية واتحاداتها، بحيث يمكن تخصيص مبلغ سنوي من الدعم المادي يكون مخصصا لبرامج المسؤولية الاجتماعية، يتم من خلاله دعم برامج الاندية بصورة مستمرة ، فما نراه من عشوائية ومبادرات ومجهودات فردية بسيطة وعلى فترات متقطعة لايمكن أن ينهض بالمسؤولية الاجتماعية ولا يعكس مسمى أن النادي (ثقافي - اجتماعي - رياضي)، وبالتالي يتم من خلال ذلك الدعم التخفيف من الاعتماد على موارد النادي غير المستقرة غالبا، ولابد أن يتم ذلك من خلال تفعيل مهام لجنة المسؤوية الاجتماعية في اتحاد كرة القدم والتي اسست منذ فترة ولكنها لم تفعل بالصورة المطلوبة والقيام بدورها الذي أسست من أجله. وختاما لابد لنا من دعم المسؤولية الاجتماعية في جميع الاندية الرياضية وبالاخص الاندية الممتازة منها فعددها الكبير وتنوع الالعاب الرياضية بها وإمكانياتها وما تمتلكه من شعبية ونجوم يمكنها من خلال ذلك تعزيز الارتباط بين صناعة الرياضة و المجتمع عبر الاستخدام الأمثل لمنهجية المسؤولية الاجتماعية بحيث تزداد شريحة الجماهير ويزداد وفاؤها ومتابعتها للنادي المفضل وإقبالها على حضور مبارياته واستخدام منتجاته و بالتالي تزدهر الرياضة بشكل عام نظرا لقناعة المجتمع أن هذه الاندية جزء فعال منه وأن ما يدفعه من مال سيعود بالنفع على المجتمع.