من المعلوم والمسَّلم به في الدول المتقدمة أن الشركات التجارية والمؤسسات الربحية والبنوك وغيرها تساهم في الأعمال الاجتماعية والتنموية، وخدمة المجتمع، وبناء الاقتصاد، وكلما كبرت الشركة أو المؤسسة، وكثرت أرباحها، ازداد حجم إسهامها ومسؤوليتها تجاه المجتمع. وإذا أردنا أن نعرف حقيقة المسؤولية الاجتماعية وتعريفها على المستوى العالمي، نجد أن البنك الدولي يعرفها بأنها «التزام أصحاب النشاطات التجارية بالإسهام في التنمية المستدامة من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم والمجتمع المحلي، والمجتمع ككل، لتحسين مستوى الناس بأسلوب يخدم التجارة، ويخدم التنمية في آن واحد». وإذا نظرنا إلى الوضع في المملكة نجد الأمر على غير ما تقدم، فالبنوك - مثلاً - تعد الأكثر ربحية، واستفادة من الوطن والمواطن والمجتمع، وهي الأقل إسهاماً في نفع الوطن، وإفادة المواطن، وتطور المجتمع والرقي به. فالبنوك في المملكة تستفيد من ميزة لا تكاد توجد في دولة أخرى، إلا قليلاً، وهي أن نسبة كبيرة من عملاء البنوك لا يأخذون على النسب المئوية على أموالهم المودعة في البنوك؛ لأنها من الربا المحرم شرعاً، كما هو المفتى به في المملكة العربية السعودية. كما أن البنوك لا تفرض عليها مثل الضرائب المفروضة على نظائرها في الدول الأخرى. كما أنها تنعم بنظام لا يلزمها بتمويل برامج تخدم المجتمع. لتلك المزايا الكبيرة، فإن البنوك عندنا في المملكة تعد الأكثر ربحاً واستفادة من مقدرات الوطن، ومدخرات المواطنين، ومع ذلك لا تقدم لهذا الوطن، ولا للمواطنين الذين هم سبب أرباحها الطائلة، أي خدمة اجتماعية ذات مستوى يتناسب مع أرباحها الهائلة! ولهذا فإنه يجب إعادة النظر في وضعية البنوك، ومعالجة هذا الخلل الواضح، بحيث تلزم البنوك - بدون استثناء - بتخصيص ميزانية سنوية تحددها الجهات على أسس محاسبية علمية، تخصص للأعمال الخيرية والإنسانية، تحددها - أيضاً - الجهات المختصة في الدولة، مع وضع آلية تفرض العدالة في التوزيع بحيث لا تستأثر جمعية بالنصيب الأكبر، بسبب علاقة مسؤوليها مع هذا البنك أو ذاك.