سبق أن كتبت مراراً عن تقاعس مختلف مؤسسات وشركات القطاع الخاص عن دعم الصناديق الخيرية والاجتماعية، وسبق أن أكدت أنه وعلى الرغم من الأرباح الطائلة التي تحصل عليها البنوك والكثير من الشركات والمؤسسات من جيب المواطن، إلا أن تلك البنوك والشركات تبخل في دعم شريحة من أبناء وبنات الوطن الذين يعانون ظروف الحياة الصعبة. وسبق أن قلت مراراً بأن المسؤولية والقصور في ذلك لا يتحملها مؤسسات وشركات القطاع الخاص فحسب، وإنما يقع الجزء الأكبر من اللوم على الأجهزة الحكومية ذات العلاقة، والتي استمر صمتها إزاء الكثير من المطالبات بإلزام مختلف مؤسسات وشركات القطاع الخاص بدعم المناشط الخيرية والاجتماعية من خلال إلزامها بدفع نسبة معينة على أرباحها وتوجيهها لصندوق خيري يخصص لتلك الإسهامات. في أغلب دول العالم، تجد الحكومات تفرض على الشركات والمؤسسات بنسب ضريبية عالية تصل إلى 40%، من ثم تقوم بصرف جزاء ليس بالقليل من تلك الضرائب على مختلف المناشط الخيرية والاجتماعية، أما في المملكة فعلى الرغم من ضخامة الأرباح التي تحققها البنوك وغيرها من المؤسسات والشركات، فلا نجد أي تحرك من قبل الجهات الحكومية لإلزام تلك الشركات والمؤسسات بدفع ضرائب على أرباحها، أو على الأقل بإلزامها للإسهام في المناشط الخيرية والاجتماعية، فكانت النتيجة المؤلمة، أن تلك المناشط لا يصلها سوى تبرعات متواضعة جداً أما بدافع الوجاهة أو بضغوط من أمراء المناطق. وفي صحيفة الوطن الصادرة قبل أمس السبت (12-5-2012م) كتب الدكتور عبدالله دحلان مقالاً جميلاً بعنوان: (من يرفض المسؤولية الاجتماعية)، تحدث فيه عن قصور مؤسسات وشركات القطاع الخاص في الإسهام في المناشط الخيرية والاجتماعية مقترحاً سعادته في ذلك إنشاء (صندوق للمسؤولية الاجتماعية) في المملكة بحيث يتم تمويله من خلال اقتطاع جزء من أرباح الشركات المساهمة، وفي الوقت الذي أؤيد فيه مقترح الدكتور عبدالله بإنشاء صندوق المسؤولية الاجتماعية، كما أؤيد قوله بأن تكون الدولة أكبر المساهمين في دعم ميزانية هذا الصندوق خاصة وأن المملكة تعتبر من أكبر الداعمين لصناديق الفقر في العالم، إلا أنني قد أختلف مع الأخ الدكتور عبدالله في قصر دعم تمويل الصندوق من خلال اقتطاع جزء من أرباح الشركات المساهمة فقط دون المؤسسات والشركات التجارية الأخرى، بل أعتقد أنه من الأهمية أن تشارك غالبية المؤسسات والشركات التجارية في دعم تمويل هذا الصندوق، خاصة إذا ما علمنا أن ثروات كبار التجار ورجال الأعمال تتركز غالباً في جميع أشكال المؤسسات والشركات التجارية، أما بالنسبة للشركات المساهمة، فالجميع يعلم أن مختلف شرائح المجتمع بما فيها محدودي الدخل هي من يملك أسهم الشركات المساهمة، ولذا قد لا يكون من الإنصاف أن يقصر دعم تمويل الصندوق على الشركات المساهمة طالما أن المقصد هو مساهمة الأثرياء والتجار وكبار رجال الأعمال في تمويل هذا الصندوق.