أوقعت عمليات القصف الجوي التي يشنها الطيران السوري على مناطق المعارضة المسلحة في مدينة حلب وريفها (شمال) أكثر من 400 قتيل خلال عشرة أيام، في حين توصل النظام والمعارضة إلى هدنة في مدينة معضمية الشام المحاصرة قرب دمشق. في غضون ذلك، وقَّعت دمشق أول أمس الأربعاء مع شركة روسية أول اتفاق للتنقيب عن النفط والغاز في مياهها الإقليمية، في تحدٍ للعقوبات الدولية المفروضة عليها. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان: «ارتفع إلى 401 بينهم 117 طفلاً دون سن الثامنة عشرة، و34 سيدة، وما لا يقل عن 30 مقاتلاً من الكتائب المقاتلة، عدد الشهداء الذين قضوا جراء القصف المستمر من قبل القوات النظامية بالبراميل المتفجرة والطائرات الحربية على مناطق في مدينة حلب ومدن وبلدات وقرى في ريفها، منذ فجر 15 من الشهر الجاري وحتى منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء».. ويُضاف إلى الحصيلة، تسعة مقاتلين من «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المرتبطة بالقاعدة، قضوا في القصف، بحسب المرصد. وفي اليوم الحادي عشر من هذه الحملة المكثفة، تعرض حيا الصاخور (شرق) وجبل بدرو في مدينة حلب لقصف من الطيران الذي استهدف كذلك بلدتي النقارين وماير وقرية الزيارة في ريف حلب، بحسب المرصد. وأتى القصف على النقارين تزامناً مع اشتباكات في محيطها بين القوات النظامية وقوات الدفاع الوطني وضباط من حزب الله اللبناني حليف دمشق من جهة، ومقاتلين إسلاميين بينهم من هو مرتبط بالقاعدة. وتتهم المعارضة ومنظمات غير حكومية النظام السوري باستخدام «البراميل المتفجرة» المحشوة بأطنان من مادة «تي أن تي» والتي تُلقى من دون نظام توجيه، في استهداف المناطق الخارجة عن سيطرته في حلب. وكان مصدر أمني سوري أفاد فرانس برس أن الطيران يستهدف مراكز لمقاتلي المعارضة، عازياً ارتفاع الحصيلة لوجودها في مناطق سكنية. ومساء الأربعاء، أفاد المرصد عن مقتل ستة أشخاص وجرح 15 آخرين في سقوط قذائف هاون على أحياء خاضعة لسيطرة النظام في وسط مدينة حلب، منها السليمانية والميدان والجميلية. وتشهد حلب معارك يومية منذ صيف العام 2012، ويتقاسم النظام والمعارضة السيطرة على أحيائها. وأعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون عن «قلقها العميق» من الغارات الجوية واستخدام «البراميل المتفجرة» ضد حلب. كما طالب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي القوات النظامية «بوقف عمليات القصف الجوي واستخدام الصواريخ والبراميل المتفجرة ضد الأحياء السكنية المأهولة في حلب»، داعياً مجلس الأمن الدولي إلى «اتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق وقف شامل لإطلاق النار في سوريا». وفي رسالته لمناسبة عيد الميلاد، قال البابا فرنسيس أمام المحتشدين في ساحة بطرس في الفاتيكان «إن النزاع في سوريا حطم حياة كثيرين في الآونة الأخيرة وحرك مشاعر الحقد والانتقام»، راجياً أن «يضع أطراف النزاع حداً لأي عنف ويضمنوا وصول المساعدات الإنسانية». وأدى النزاع السوري إلى مقتل اكثر من 126 ألف شخص، وتهجير الملايين إلى الدول المجاورة وفي داخل سوريا. وفي معضمية الشام جنوب غرب دمشق، دخلت هدنة بين النظام ومقاتلي المعارضة حيز التنفيذ أمس، بحسب ما أفاد مسؤول في المجلس المحلي. وقال أبو مالك لفرانس برس عبر الإنترنت: «دخلت هدنة حيز التنفيذ الأربعاء، والسكان وافقوا على رفع العلم السوري على خزانات المياه في المدينة كبادرة حسن نية»، وذلك لمدة 72 ساعة. وأوضح أنه من المقرر أن تدخل المدينة غداً مواد غذائية، وإذا «تم الأمر على ما يرام، سيتم تسليم الأسلحة الثقيلة (إلى القوات النظامية)، إلا أن جيش النظام لن يدخل مدينتنا» التي تبعد ثلاثة كيلومترات عن دمشق. ويلي تسليم الأسلحة عودة سكان المدينة الذين نزحوا عنها، وانسحاب الحواجز العسكرية من مداخل المدينة، بحسب أبو مالك. وأكد مصدر مقرب من النظام السوري لفرانس برس حصول الاتفاق، من دون أن يشير إلى سحب الحواجز، بل أشار إلى أن القوات النظامية ستدخل المدينة في وقت لاحق للتأكد من تسليم كل الأسلحة الثقيلة. وفي تشرين الأول - أكتوبر الماضي، حصلت عمليات إجلاء لنحو 3800 شخص من المدينة غالبيتهم من النساء والأطفال والمسنين. وأشرف على هذه العمليات الهلال الأحمر السوري بالتنسيق مع السلطات. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، تفرض القوات النظامية حصاراً على المدينة منذ أكثر من عام، وتتعرض لقصف يومي وتشهد أطرافها اشتباكات بين المقاتلين والقوات النظامية التي تحاول السيطرة عليها.