على مدى يومي (الأربعاء والخميس15و16صفر1435ه، 18و19 ديسمبر2013م)، تفاعل النادي الأدبي بالرياض مع مناسبة اليوم العالمي للغة العربية بعدد من النشاطات المتنوعة، وهي: محاضرتان، وعرض مسرحي، ومعرض للخط العربي، وتأبين للدكتور عوض القوزي، وتكريم لاثنين لاختيارهما عضوين في مجمع اللغة العربية بالقاهرة. وقد نُفذت الفعاليات بالشراكة مع مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية، وبالتعاون مع الجمعية العلمية السعودية للغة العربية، وانطلقت الفعاليات بافتتاح رسمي من قبل سعادة وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للغة العربية الأستاذ الدكتور أحمد بن عبدالله السالم إذ ألقى كلمة شدّد فيها على اعتزازه بتحديد يوم عالمي للغة العربية، وبسعادته بالتعاون بين الجمعية والنادي، وامتدح تفاعل الجهات الحكومية والخاصة مع هذه المناسبة المهمة، وأعلن أن الجمعية ستكرّم الدكتور عبدالله العثيمين والدكتور عائض الردّادي في اجتماع الجمعية العمومية القادم. من جهته ألقى رئيس مجلس إدارة النادي الدكتور عبدالله الحيدري كلمة أشار فيها إلى تشكيل لجنة برئاسة الدكتور صالح المحمود نائب رئيس مجلس الإدارة، وعضوية سعد النفيسة وعبدالعزيز الحميد؛ للتخطيط لهذه الفعاليات وتنفيذها، ونوّه بالشراكة بين النادي ومركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية، وبالتعاون بين النادي والجمعية العلمية السعودية للغة العربية، وأشار إلى أن الفعاليات تضمنت إشراكاً لعدد من الأساتذة الجامعيين المتخصصين في اللغة العربية وآدابها من ثلاث جامعات حكومية، وهي: جامعة الملك سعود، وجامعة الإمام، وجامعة الأميرة نورة، إضافة إلى الاستعانة بعدد آخر من غير الأكاديميين للمشاركة في الفعاليات، وهم: الفنان التشكيلي فهد الربيق، وطاقم مسرحية محاكمة شكسبير. بعد ذلك بدأت الندوة التي خصّصها النادي للحديث عن جهود الدكتور عوض بن حمد القوزي (الأستاذ بجامعة الملك سعود وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة) -رحمه الله-, وشارك فيها كل من: الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيّع (عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة) بورقة عنوانها «القوزي مجمعيّاً»، والدكتور إبراهيم بن سليمان الشمسان بورقة عنوانها «القوزي لغوياً ومحققاً»، والدكتور محمد خير البقاعي بورقة عنوانها «القوزي وذكريات باقية»، وأدارها الدكتور عادل العيثان من جامعة الملك سعود. وقد تضمنت ورقة الدكتور محمد الربيّع توثيقاً لعمل الدكتور القوزي في المجمع، ومما قال: في عام 1423ه انضم إلى المجمع الدكتور عوض القوزي -رحمه الله-، وكان حريصاً على حضور المؤتمر العام للمجمع كل عام, وعلى تقديم بحث في الموضوع لدورة المجمع مع الاشتراك في جلسات المجمع الخاصة بالمصطلحات والمعجم الكبير، ومن البحوث التي شارك بها: المجمع والمجتمع، والتعريب والتغريب، وتيسير النحو بين القبول والرفض، ولغة وسائل التواصل الاجتماعي. بعدها تحدث الدكتور إبراهيم الشمسان، وقال: إن القوزي -رحمه الله- كان من بين قلّة من الأساتذة الذين زويت لهم علوم العربية والثقافة الغربية، انتقل بعدها للحديث عن جهوده في مجال التأليف والتحقيق، مشيراً إلى عناوينها، ومنها: المصطلح النحوي نشأته وتطوره حتى أواخر القرن الثالث الهجري وهو في الأصل رسالة الماجستير التي أعدها في قسم اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة الملك سعود، وطبع الكتاب في طبعته الأولى في جامعة الملك سعود عام 1401ه الموافق لعام 1981م، وشرح السيرافي لكتاب سيبويه، وقال الشمسان: حدثني -رحمه الله- عن تحقيقه لشرح السيرافيّ لكتاب سيبويه، وأسفه الشديد أنه لم يجد من يرعى هذا العمل الضخم؛ ولعل كلية الآداب تنهض بمهمة نشره -إن شاء الله-. بعدها تحدث الدكتور محمد البقاعي فقال: نحن مدعون للتوفيق بين ثلاثة عناصر يقتضي المقام التوفيق بينها، وهي: اللغة العربية، واليوم العالمي للغة العربية، وندوة عن الدكتور عوض القوزي، وذكر البقاعي بأن القوزي -رحمه الله- يؤمن أن من أهم صفات الرجل الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن وتجاه الأسرة، أما في الصداقة فكان يعد الوفاء الدليل الحقيقي للصداقة، وكان لديه كم كبير من الرسائل الشخصية التي حافظ عليها منذ عشرات السنين مع أصدقاء من مصر وسورية والأردن والمغرب وغيرها، وكلها رسائل تضج بالعواطف الصادقة والأحاديث التلقائية والأشواق وكثير من الذكريات والنوادر المضحكة، وأضاف: كان القوزي يكره التعصب والتطرف وكل أشكال المغالاة أو التظاهر في التعبير عن الإيمان، وكان دائماً متصالحاً مع الله ومع نفسه، وهذا مما يحببنا فيه، وإذا سمع عن مشكلة لزميل عرض أن يتدخل لإنهائها إن كان بوسعه فعل ذلك وإلا وقف إلى جانبه معنوياً ومادياً. بعد ذلك افتتح سعادة وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للغة العربية الأستاذ الدكتور أحمد السالم معرض «الحرف العربي في الفن التشكيلي» للفنان فهد الربيق يرافقه رئيس مجلس إدارة النادي الأدبي الدكتور عبدالله الحيدري, والمشاركون في ندوة القوزي, وعدد من الضيوف، وأبدى السالم ومرافقوه إعجابهم الشديد بما حواه المعرض من لوحات تُبرز الخط العربي والثقافة العربية بوصف الحرف رمزاً للهوية. بعدها بدأت محاضرة «التراث العربي بين القطيعة والجمود» للأستاذ الدكتور أحمد درويش من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ونفذت بالتعاون مع الجمعية العلمية السعودية للغة العربية بإدارة الدكتورة منيرة الزهراني، وفيها أشار درويش إلى أن البعد التراثي للغة يعد ركناً مهماً من الأركان التي ينبني على أساس زاوية النظر إليها وتقييم مكانتها كثير من النتائج التي تنعكس بصفة مباشرة على تحديد بعض ملامح الهوية عند المنتمين إلى اللغة وتراثها الحضاري، ثم تطرق إلى نقاط عدة بدأها بالقطيعة مع التراث والمدرسة الحديثة وذكر آراء كثيرة منها رأي جاستون باشلار في تفسير التطور العلمي وامتداده أحياناً إلى التفكير الفلسفي، بعدها تحدث عن الاتجاه السلفي والتمسك الحرفي بالتراث ثم تعلم اللغة وقضية المستويات بأنها تنقسم إلى المتعلم العام والمتعلم الخاص والمتعلم المتخصص. وفي سياق آخر وضمن فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، انطلقت فعاليات منتدى المسرح الثقافي بالنادي، واستهل أعماله بمسرحية (محاكمة شكسبير)، وهي من إعداد فايز عبدالله وإخراج فهد العصفور، وتمثيل: عبدالعزيز الأحمد وموسى مجممي ومحمد خليفة وعبدالرحمن الربيش وبندر العمري وعبدالعزيز العصفور، وإشراف فهد الحوشاني. وفي السياق نفسه كرّم النادي اثنين من أعضاء الجمعية العمومية، وهما: الدكتور عبدالله بن صالح العثيمين والدكتور عائض بن بنيّة الردّادي بمناسبة اختيارهما عضوين في مجمع اللغة العربية بالقاهرة, وقد اعتذر الدكتور العثيمين عن الحضور لظروفه الصحيّة، وأناب عنه لاستلام درع التكريم الدكتور عبدالعزيز المانع. وقد ألقى كلمة المكرمين الدكتور عائض الردادي، مقدماً الشكر لمجمع اللغة العربية في القاهرة، وللنادي الأدبي بالرياض، وقال: آمل أن أكون عند حسن ظنهم وأن أوفق لخدمة لغتنا العظيمة, بعدها تحدث عن اللغة العربية بإيجاز بصفتها هوية للأمة العربية والأمة الناهضة, وذكر بأن أوروبا اتفقت في السياسة والاقتصاد واختلفت في اللغة فلم تتنازل أي دولة ولو كانت صغيرة عن لغتها؛ لأن الشعوب المتحضرة تعرف أهمية اللغة ودول مثل: فرنسا وألمانيا وكوريا والصين وغيرها اهتمت بتدعيم لغاتها مثل اهتمامها بنموها الاقتصادي والصناعي، وذكر بأن تعلم اللغات والانفتاح على الثقافات أمر مطلوب ولكن الإشكالية في أن تكون اللغة الأجنبية بديلاً للغة الأم. وفي ختام حديثه ذكر أن اللغة العربية هوية ثقافية وانتماء حضاري والحفاظ عليها كالحفاظ على الروح، والعناية بها متعيّنة على كل عربي مسلم من أجل المحافظة على الهوية اللغوية. وبعد حفل التكريم ألقى الدكتور أحمد السالم قصيدته «دموع برائحة التفاح»، ومنها: سكت فما أسطيع بث شكاتي وخصميَ أبنائي وكل بناتي تعهدت أجداداً لهم فحفظتهم وهم حفظوني من هوى وجناة سقيتهمُ كأس الفصاحة مترعاً وهم أنزلوني أرفع الشرفات بقيت عصوراً لا أبارى وسطوتي على كل قرطاس وكل شفاة بعدها ألقى الدكتور صلاح حسنين محاضرة عنوانها «أثر موسيقا الشعر في النقد الموضوعي: قصيدة «دموع برائحة التفاح» للدكتور أحمد السالم أنموذجاً»، وأدارها سلطان الخرعان. وقد ذكر حسنين بأن موسيقا الشعر ترتبط باللغة، وتحدث عن القصيدة مقسماً أبياتها إلى ثلاث لوحات، وعقب في الأخير بأن القصيدة تنتمي إلى فن عريق في الشعر العربي، وهو فن المعارضات, وأن الشاعر يطبق الفن عندما يعارض قصيدة شاعر النيل حافظ إبراهيم.