لقد كان «جدار الصين الناري العظيم» بمثابة ورقة اليانصيب الرابحة بنظر العديد من شركات الإنترنت الصينية، كونه حماها من المنافسة الخارجية الضارية. وجاءت مواقع «ويبو»، و»رنرن»، و»بايدو»، وغيرها من المواقع الإلكترونية التي تستخدم الفيديو في الصين، تؤدّي دور البديل لمواقع إنترنت محظورة في الصين، على غرار «تويتر»، و»فيسبوك»، و»غوغل»، و»يوتيوب». وقد نجحت، بفضل حماية الحكومة لها، في تحقيق أرباح قياسية. وعلى الرغم من التحوّلات الكبرى التي تختبرها الصين، ما من سبب للتوقع بأنّها ستُحدث أيّ تغيير قريب في مجال تحكّمها بشبكة الإنترنت. وقم تمّ إنشاء مجلس أمن قومي شبيه بالكاي جي بي، خلال الجمعيّة العامّة الثالثة التي ختمت أعمالها للتو في الصين، ليضمّ جميع آليات الدولة، ويتحكّم بنشاط شبكة الإنترنت باسم الاستقرار السياسي. وكان مارشال ماكلوهان، كبير خبراء كندي في وسائل الاتصال، قد أصدر عبارة شهيرة مفادها أن «الوسيلة هي الرسالة». لكن يبدو أن الحكومة الصينية لا تحبّذ تداول الرسائل المناهضة لحكمها عبر الإنترنت. وبالتالي، تذعن شركات الإنترنت الصينية، التي ترغب في ضمان استمراريتها وازدهارها، بملء إرادتها للرقابة الحكومية، وقد محت التعليقات غير الملائمة والممتعضة التي صدرت على مواقعها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقد نصف الإنترنت في الصين باللجوء مفهوم آخر استحدثه ماكلوهان، وهو أنّ وسيلة الإعلام هي الرسالة. وفي هذا السياق، تقتصر الفائدة التي يجنيها المجتمع الصيني من الازدهار الحالي لسوق الإنترنت المحلي– المحمي من المنافسة والمعلومات الخارجية – على الاستمتاع المفرط بوسائل الترفيه، والألعاب، والتسوّق. إلا أن كثيرين يواصلون سعيهم لإطلاق رسائل واقعية ومفيدة. وقد ظهرت مناشدات إصلاح سياسي ومطالبات بإيجاد حل لمسائل عرقية على صلة بالأقليات، إلى جانب امتعاض إزاء الفساد المستشري ضمن شبكة الإنترنت الصينية. بيد أن حكومة الصين ضيّقت خناقها على الإنترنت، فطهّرته من أصحاب حسابات غالباً ما امتلكوا آراء رياديّة أو نشطوا اجتماعيّاً، واستقطبوا بالتالي أعداداً هائلة من المتتبعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. حتّى أنّها كادت توقف خدمة الإنترنت في بعض الأوقات والمواقع الحيوية، مثلما فعلت في العام 2009، في أعقاب أعمال الشغب في شينجيانغ. ويشار إلى أن المواطنين الصينيين المستخدمين للإنترنت، ولا سيما الشبان اليافعين والغاضبين منهم، متعطّشون لحرية التعبير منذ وقت طويل جداً. وإن لم يتسنَّ لهم الاستفادة من الإنترنت، فسينزلون حتماً إلى الشارع، علماً بأنّ وظيفة وسائل الإعلام لا تقتصر على الترفيه أو إطلاق رسائل إخبارية، فهي أيضاً صمّام أمان يطلق الناس من خلاله العنان لمشاعرهم وانفعالاتهم، مع الإشارة إلى أنّه في غياب صمام الأمان الإعلامي، تصبح المجتمعات الرازحة تحت ضغط كبير على وشك الانفجار.