خلال متابعتي لبرنامج الصيانة الذاتية الذي تقوم به وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في صيانة المساجد لمست ظواهر إيجابية جيدة، تمثلت في عمل الشباب السعودي في مجال الصيانة بمختلف مجالاتها في الكهرباء والسباكة والتبريد، وهذه الكوادر الفنية بمختلف مستوياتها من مهندسين متخصصين أو عمالة فنية ومساعدي فنيين، كل هؤلاء أينما وجدوا هم مصدر فخر واعتزاز لنا جميعاً، كيف لا، ونحن نرى سواعد أبناء الوطن في الميدان، وليس في المكاتب، وحينما تحدثت مع أحد المهندسين وأبديت له إعجابي بعمل هؤلاء الشباب وقبولهم، بل وإقبالهم على العمل بشغف وحب زف لي بشرى بأنهم أنموذج، وإلا فإن معظم الأجهزة الحكومية، بل والشركات المتخصصة كبيرة كانت أم صغيرة لديها أمثال هؤلاء الشباب، وساق لي محدثي مثالاً في الشركات الكبيرة كأرامكو، وشركات سابك، والاتصالات السعودية، وشركات الكهرباء، فيها نسبة عالية جداً من الفنيين السعوديين المتخصصين. ومع سعادتي لرؤية أبناء الوطن في هذه المواقع وغيرها من المواقع العملية الفنية فإني تقصيت عن الحوافز والمميزات التي يتلقاها بعض أصحاب المهن الفنية ممن يعملون في الدوائر الحكومية، فوجدت أنها مهن بلا حوافز ولا مميزات على الرغم من أنها أعمال مهنية فنية تتطلب جهداً كبيراً، وزياً خاصاً، وأعمالاً لا تقف عند حدود المكاتب، ولا حدود وقت الدوام الرسمي، ونظرت بالمقابل إلى وظائف أخرى يتقاضى من يعملون عليها داخل المكاتب وتحت المكيفات بدلات جيدة، وقارنت بين عمل هؤلاء وهؤلاء، ووجدت أن العاملين في المجالات الفنية والمهنية هم الأحق بهذه النسبة من غيرهم، ولن أطلب بنقل الحوافز والمميزات من غيرهم لهم. لا، ولكنني أقول من باب الإنصاف والمساواة أن يؤخذ في الاعتبار ما يقوم به هؤلاء الشباب من عمل في ظروف معينة وبأوقات صعبة وتحت ظروف الأجواء المتقلبة والطقس الجاف برداً وصيفاً بأن ينصفوا ويمنحوا بدلات تتناسب وطبيعة عملهم. بل ويزيد على هذه الظروف النظرة الخاطئة القاصرة لأصحاب المهن الفنية من لدن البعض! لقد ثبت بالتجارب والملاحظة والمتابعة ما يقدمه شباب الوطن من جهود طيبة في مجال عملهم الفني والمهني وتميزهم أداءً وإخلاصاً وإتقاناً مما يوجب معه الدعم والتشجيع والمكافأة، ونحن نريد هنا الإنصاف والعدل والمساواة لحقوق العمالة الفنية، ولربما يقول قائل إن هناك فئات من هذه المهن تأخذ بدلات مخصصة، أقول: نعم هناك بدل خطر لبعض المهن، ولكن كل مهنة فنية بحاجة إلى أن يتقاضى صاحبها بدلات خاصة، فليسوا أقل من النساخ ومدخلي البيانات وغيرهم من أصحاب الوظائف الأخرى كمأموري العهد والمستودعات وأمناء الصناديق، فهي أعمال ليست ذات مشقة ولا مكلفة، وتؤدى في ظروف وبيئة عمل جيدة على خلاف هذه الأعمال الفنية المهنية.