تظل الخطوات الأولى في دروب «الكتابة» طازجة وحاضرة في ذاكرة كل من ساروا عبر تلك الدروب السحرية الأخاذة حتى في أحلك الظروف وأصعبها، وقد أراد الأستاذ محمد عبدالرزاق القشعمي في كتابه الجديد «بداياتهم مع الكتابة» اقتناص اللحظة الفارقة التي عَبَر فيها رجالٌ ونساء طريق «الكتابة» مأخوذين بسحرها وفتنتها. الأستاذ القشعمي سجل التجارب الكتابية الأولى لمائة كاتب وكاتبة من السعودية ومن العالم العربي والأجنبي وأخرجها في كتاب من القطع الكبير تزيد صفحاته على خمسمائة صفحة. بعض ما سجله في كتابه الريادي استخرج مادته بصبر ودأب من المصادر المطبوعة المتفرقة، وبعضها الآخر استقاه من مادة أصيلة أخذها مباشرة من الكُتَّاب والكاتبات وقدمه للقارئ لأول مرة. إن التجربة الكتابية الأولى لأي كاتب هي مغامرة لا تنسى! وفي الغالب تحدث في سن مبكرة عندما تكون ثقافة الكاتب ضحلة وكذلك خبرته الحياتية والكتابية محدودة جداً لكن الدافع إلى الكتابة والنشر يكون بلا حدود ولا يمكن مقاومته. وعندما تسأل أي كاتب عن تجربة النشر الأولى في مسيرته الكتابية، يحدثك عن النشوة التي شعر بها حين رأى اسمه مطبوعاً لأول مرة وما شعر به من سعادة وزهو وهو يرى النص الذي كتبه يحتل مساحة من جريدة أو مجلة حتى لو كانت مساحة صغيرة أو كانت الصحيفة مغمورة وغير ذات شأن! وكما أشار الدكتور معجب الزهراني في تقديمه للكتاب، لم تكن قنوات النشر سابقاً متيسرة كما هي عليه الآن بعد أن أتاح الإعلام الجديد منتجات متنوعة تُمَكِّن كل من يريد الكتابة عرض المادة التي يكتبها لملايين الناس متجاوزاً عائق الزمان والمكان وكذلك عائق الرقيب الذي يتحكم في النشر وفق ظروفه ووفق مزاجه أحياناً. كتاب «بداياتهم مع الكتابة» هو إضافة جميلة أخرى لمسيرة الأستاذ محمد عبدالرزاق القشعمي الكتابية يمنح القارئ، وخصوصاً الذي خاض تجربة الكتابة من قبل، ساعات جميلة من المتعة القِرائية ويعيده إلى زمن قديم حيث إن جميع من سجل القشعمي تجاربهم قد أمضوا عقوداً عديدة في الكتابة منذ تجربتهم الاولى. ومثلما كان القشعمي موفقاً في اختيار موضوعات كتبه السابقة، كان موفقاً في اختيار موضوع هذا الكتاب، ولاشك أن أبا يعرب الذي أصدر حتى الآن ثمانية وعشرين كتاباً سيستمر في عطاءاته المميزة إن شاء الله ويتحف قراءه بالمزيد.