أصدر الكاتب والإعلامي المعروف الأستاذ حسن آل حمادة كتابه الرائع «تجارب الكتّاب.. من القراءة إلى الكتابة»، المنشور عام 1429ه- 2008م عن دار القارئ للطباعة والنشر والتوزيع. والكتاب يحكي قصة تجارب كثير من الكتّاب العرب البارزين في الساحة الإسلامية والثقافية والأدبية؛ الذين ملأت كتبهم ونتاجهم الآفاق. والجميل في هذا الكتاب تنوع توجّهات الكتّاب واختلاف تخصصاتهم المعرفية والثقافية، رغم قصر حجم بعض التجارب الكتابية التي احتواها. والتجارب -بطبيعتها- وسيلة ثقافية نافعة لنقل خبرات المؤلف أو الأديب إلى الآخرين؛ لكي يستفيد منها الشباب الواعد الذي يرنو لمستقبل مشرق في عالم القراءة والكتابة والتأليف. وقد وفِّق المؤلف في اختيار شخصيات لها حضور نشط على الساحة الثقافية والإعلامية، أمثال الشاعر جاسم الصحيح، والروائية البارعة خولة القزويني، والأساتذة الكتّاب: أحمد راسم النفيس، والسيد إدريس هاني، والشيخ عبد الله اليوسف، والشيخ حيدر حب الله، والسيد سامي خضرة، والشيخ فيصل العوامي، وغيرهم من الشخصيات البارزة. وقديماً قالوا: «السعيد من اتعظ بتجارب غيره»، أو «الآخرين»، على قول. وفي عقيدتي أن كتابة التجارب الإنسانية مشروعاً ثقافياً ناجحاً، حيث نجد في سيرة الغربيين اهتمام واضح في كتابة ما يسمى ب»أدب السيرة الذاتية»، وكنا نتمنى منذ زمن بعيد أن يطالعنا الأستاذ الفاضل بكتابه هذا، الذي أتوقع أن يصدر مستقبلاً في عدة أجزاء؛ ليشمل شخصيات أخرى. والمادة الكتابية الموجودة في هذا الكتاب تحكي تجربة كتّاب لهم بصمات واضحة على الفكر العربي المعاصر، ولهم دور بارز في صناعة الرأي والقرار في هذا الواقع المليء بالأحداث الساخنة التي تمر بالأمة الإسلامية والعربية خاصة. وكنت ولا أزال أتابع بشكل مستمر كتب السيرة الذاتية، وهذا من صميم اهتماماتي الشخصية، وحينما وقع بيد يدي كتاب الأستاذ آل حمادة زدت غبطة وشعوراً بهذا الإصدار الذي أتحف به مكتبتنا العربية. وفي مقدمة كتابه أشار المؤلف أن فكرة الكتاب تهدف التركيز على جنبتين: الأولى: تجارب الكتّاب في ممارسة عادة القراءة. الثانية: تجاربهم في الكتابة. وقد عمد المؤلف إلى الترتيب الهجائي لأسماء الكتّاب، واستغنى عن الترجمة لكل أحد باعتبار أن تجاربهم تحكي التعريف بهم، وهي التفاتة صائبة من المؤلف. وفي التقديم أيضاً سجل المؤلف كلمة شكر وعرفان لمجموعة من الأصدقاء الذين راجعوا الكتاب لغوياً، وكذلك زوجته الكاتبة (عقيلة المقبل). وأول تجربة ذكرها تجربة الكاتب المصري (أحمد راسم النفيس) وختم التجارب بتجربة الكاتب السعودي (منصور النقيدان). ولاحظت من خلال القراءة أن بعض التجارب طويلة وأن الكاتب يعيش معاناة التجربة والبعض مجرد سطور لا يستفيد منها القارئ بالشكل المطلوب كتجربة السيد سامي خضرة، وكذلك تجربة كفاح الحداد، فإن القارئ يريد أن يعيش التجربة، حتى يعيش مع نفس الكاتب، ولكن هذا لا يقلل من أهمية هذه التجارب، التي كتبها الرواد الأفاضل. الإعلامي حسن آل حمادة كما أعرفه -ويعرفه غيري- يقوم بدور ملحوظ في تشجيع حركة القراءة والكتابة والتأليف في المجتمع، وشخصياً استفدت من ملازمته وصحبته سنوات طويلة، في عصر نجد أن المحبطين يكثرون على قدم وساق، وقليل أن تجد أمثال آل حمادة الذين يشجعون الطاقات الواعدة على غرس حب القراءة وزرع الثقة في النفس. وفي ختام حديثي أقول قد أضاف الأستاذ الأديب حسن آل حمادة للمكتبة سفراً لذيذاً، ونتمنى منه أن يبادر في إصدار الأجزاء اللاحقة حتى يستفيد القارئ العربي من هذه التجارب المفيدة.