في ظل الحضارة وفي خضم التطور والمدنية وفي زمن التقنية يظل الإنسان يحن بين الفترة والأخرى لماضٍ تجرَّد من كل شيء إلا الأصالة والقرب من الإنسان حيث ظل الإنسان صديق البيئة في زمن لا يعرف فيه سوى ما يحيط به.. ومع مرور الأيام والسنين أصبح الإنسان معزولاً عن بيئته بعيداً عن طبيعته كل ما تقع عليه عينه لا يمثله ولا يمثل ماضيه ولا حاضره، من هنا وجد أناس سخَّروا جهدهم وأموالهم وأوقاتهم ليسعدوا ويسعدوا غيرهم ويجعلونا نعيش حقبة من زمن الماضي الجميل تحملوا المشاق وتحدوا الصعاب ليقبضوا على التراث النادر ويحتفظوا بالإرث الفريد ليقدموه للجيل الجديد. في زاوية من زوايا وطننا الغالي فتحت ال (الجزيرة) نافذة على بعض المهتمين بالتراث، فحينما تتجول في متاحفهم الخاصة كأنك تعيش الحقب الزمنية المتعاقبة والضاربة في القدم، فجنباتها تنقلك من حقبة زمنية إلى أخرى بتسلسل رائع.. هنا رصدنا جانباً من تاريخ منطقة القصيم حيث قمنا بزيارة لبعض ملاّك المتاحف الخاصة بالمنطقة. كانت انطلاقة (الجزيرة) من محافظة الرس، حيث تمت زيارة الأستاذ ضيف الله الغفيلي أحد ملاك المتاحف الخاصة بالمنطقة حيث أطلق على متحفه مسمى (دار الأجداد). وخلال الجولة داخل المتحف حدثنا الغفيلي عن اهتمامه بالتراث قائلاً: إنه عشق قديم تولَّد لدي حيث تركه الجميع ولم يعيروه اهتماماً فأحببت أن أجمع هذه الثروة الغالية التي تحكي حياة الآباء والأجداد وتراثهم حيث كانت بدايتي منذ أكثر من خمسة عشر عاماً. وأورد الغفيلي أن هناك صعوبات واجهتنا وأعاقتنا في جمع تلك المقتنيات فعندما تبحث عن قطع غير موجودة في الأسواق ونجدها محتكرة عند أشخاص ترتفع فيها الأسعار ولا تستطيع بذلك الوصول إليها إلا بشق الأنفس. وبعدها انطلقت (الجزيرة) من محافظة الرس متجهة إلى المحافظة الخضراء «البدائع» ففيها من التراث ما هو جميل ورائع حيث التقينا بالأستاذ حسن محمد الهذلول الذي يمتلك متحفاً خاصاً به، أمضى نصف عمره ليجمع التراث بل بنى له بيتاً طينياً يحتضن هذا الإرث الغالي ووضع في كل قسم من أقسام البيت تراثه وأدواته القديمة تماماً كنافذة تفتح على الماضي بكل ما فيه فقبل 30 سنة كانت بداية الهذلول والذي استقبلنا بنداء موجه لأصحاب الشأن «نريد الدعم المادي والمعنوي لكل المهتمين بالتراث». وأوضح الهذلول: أن ما لديه من قطع تراثية استطاع جمعها تحت سقف واحد من الحفاظ عليها من تركة الآباء والأجداد أو بالبحث والسفر وشرائها بأغلى الأثمان. وبعدها توقفت بنا الجولة في «عنيزة» حيث كان ختامها بالأستاذ محمد النعيم والذي حدثنا خلال الجولة بالمتحف قائلاً: في الآونة الأخيرة ومن بعد إنشاء هيئة السياحة والآثار بقيادة سمو الأمير سلطان بن سلمان فقد لمسنا اهتماماً كبيراً بأصحاب المتاحف الخاصة حيث إن سموه الكريم وجه دعوة كريمة لأصحاب المتاحف الخاصة في جميع مناطق المملكة واستمع إلى جميع الأطروحات والأفكار والمشاكل التي تعترض أصحاب هذه المتاحف، وقد وعد سموه الكريم بوضع الحلول لجميع هذه المتطلبات.