إلى الأخت الحبيبة عهود بنت عبدالملك آل الشيخ الفجيعة، الولع، الحزن...كلها مشاعر لا يمكنها أن تعبّر عمّا اعترى قلبك وهزّ وجدانك من شعور لفقدك قطعة من فؤادك، فلذة كبدك الابنة (لما بنت سلمان المنديل) نسأل الله لها قبولاً ورحمةً وحناناً، وندعوه لقلبك الكسير صبراً وثباتاً واحتساباً وثواباً عظيماً من الله الكريم الرحيم. أختي الحبيبة قال رسولنا الكريم - عليه أفضل الصلاة والسلام -: (إنَّ عِظَم الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ وإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ إذا أحبَّ، قومًا ابتلاهُم فمَن رضِيَ فلهُ الرِّضى ومَن سخِطَ فلهُ السُّخط)، ولا أعظم ولا أكثر ألماً وحزناً من فقد أعزّ الناس وأقربهم إلى الروح والقلب (الابن)، والله سبحانه من خلق عباده، وهو الأعلم بما في قلوبهم ونفوسهم، وما ابتلاؤه إلا محبة، وما لصبرك إلا عظيم الجزاء والثواب إن شاء الله. صديقةُ طفولتي وصباي كلّ ما نحن عليه في هذا الكون هو قدرٌ كتبه الله علينا، وأكرمنا به فحمدنا ورضينا، ولا نملك أمام أقداره إلا التسليم والرضا؛ فالحياةُ رحلةٌ لها بداية - لم نخترها - ولها نهاية نسعى بكل جوارحنا للفوز بها، والظفر بنعيمها الذي وعدنا به الحقّ أكرم الأكرمين. كلّ ما بين أيدينا ودائعٌ لابدّ أن تُردّ، وما نحن إلا أمناء عليها لا نملك حقّ التشبث بها أو السخط لفقدها، بل علينا أن نعي وندرك جيداً أننا وما نظن امتلاكه لسنا إلا راحلين، ولن يبقى إلا ما عملناه وآمنا به، وأنت كما عهدتك تلك الفتاة المؤمنة الصابرة المحتسبة إن شاء الله. أيتها الأم الثكلى هنيئاً لكِ - إن شاء الله - ببيت الحمد، فقد بشّر رسول الرحمة - صلوات الله ورحمته عليه - الصابرين على فقد أولادهم بالفوز العظيم بجنات عدن وبالمقام فيها وسكناها، إذ قال: (إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ). أختي التي آلامني ألمها كلنا فاقدٌ، وكلنا مفقود، فحياتنا التي نعيش ليست هي الحياة، وإنما هي جسر عبور أسأل الله لك ولي وللمؤمنين فيها الإيمان المطلق، واليقين الثابت، والثبات عند المصاب. حياتنا مليئة بالنعم، وبفضلٍ من الله وعطاء بلا حدود، فكما نحمده على نعمه لابدّ أن نحمده على قدره وما يختاره لنا، تمسكي بيقينك أختي الحبيبة فهو النجاة، و(لما) لم ترحل فهي باقية في روحك ووجدانك وذكرياتك وعملك الصالح تجاهها في مشوار الحياة الدنيا. (لما) بإذن الله في انتظارك يوم اللقاء حيث لا فراق ولا غياب ولا حزن إن شاء الله، يوم يجمعنا الحقّ في يوم الحق موعدنا إن شاء الله مع من رثينا غيابه ولن نرثيَ أبداً حضوره في الذاكرة والوجدان. عهود أعانك الله صديقتي، وثبّت خطاك، وألهمك الصبر والسلوان، وأكرمك في نعمه عليك أينما كنت ياصديقتي العزيزة.