دوروثي ليونارد وتيم بريدجز يتفاعل الأولاد في الولاياتالمتحدة اليوم مع بيئتهم المادّية أقل بكثير من الماضي. وباتت قلّة منهم تعمد في مرحلة النمو إلى بناء الأسوار، أو تصميم ألعاب الكارتينغ، أو إصلاح السيارات. أمّا المدارس الثانوية المهنية، فتوقّفت كلّها عن العمل. وبالتالي، ما الذي يفعله أولاد اليوم بدلاً من ذلك؟ كشفت جمعية «كايزر فاميلي فاونديشن» مؤخراً أن الأولاد بين عمر الثامنة والثامنة عشرة ينكبّون على وسائل الإعلام الترفيهيّة لمدّة 53 ساعة أسبوعياً. وماذا في ذلك؟ من يهتم؟ تهتمّ بالأمر الشركات المصنّعة لمنتجات مادّية، تتطلّب مزيجاً من الإلكترونيات العالية التقنية والمكوّنات المادّية. وفي حال أراد الأميركيون أن يكون هذا القطاع من اقتصادهم قوياً، فعليهم أن يهتموا بالأمر هم أيضاً. ولنأخذ مثال شركة تصنيع طائرات على غرار «بوينغ»، أو شركة عملاقة في مجال إنتاج الصلب، مثل «نوكور». وفي شركات كهذه، وإن كان المهندسون والمشغّلون الذين تمّ تعيينهم يفتقرون إلى الخبرة الفعليّة في مجال البناء، من الضروري أن يتعلّموها من المؤسسة. وما لا شكّ فيه هو أن هؤلاء الشبّان قادرون على تصميم تركيبات مذهلة عبر برنامج «ماينكرافت»، إلى جانب قدرتهم على تصميم منتجات واختبارها رقميّاً. إلاّ أنّ عدداً كبيراً منهم ليس على تواصل بالعالم المادّي، وبما قد نفكّر فيه على أنّه ذكاء لمسي. ومن بينهم كثيرون لا يملكون أي فكرة عملية عن كيفيّة انثناء المعدن أو البلاستيك، أو انكساره، أو احتباسه للحرارة أو احتراقه، ولا تصوّر عمليّ لديهم عن كيفية تقييد الحجم بهدف تعزيز الكفاءة في مجال استهلاك الوقود، مع تكريس مساحة كافية تسمح للخبراء التقنيين بالوصول إلى الداخل ووصل العناصر المكوّنة. وإن لم يعمل المرء فعلياً على معالجة الخشب، أو المعادن أو المواد البلاستيكية، فمن الصعب أن يتصوّر كيفية هندسة جناح طائرة قادر مثلاً على الانثناء إلى 140% من حمولته القصوى من دون أن يتأذى، وألاّ يفشل في ذلك إلاّ في حال تجاوز هذا الحد. وبالتالي، يضطر المصنّعون إلى مواجهة خيار صعب، بين تعهيد التصميم والاختبار لدول ترتفع فيها مستويات الذكاء اللمسي، وبين سدّ الفراغ المعرفي لدى العاملين الذين تمّ تعيينهم حديثاً في الولاياتالمتحدة. ولا شكّ في أنّ الحل الأول يسبّب مشكلة، بالنظر إلى كون الميزة التنافسية للمنتجات المصنّعة ناتجة في أغلب الأحيان عن التصميم، وإلى أن التعهيد قد يشكّل خطراً على استبقاء أهم القدرات ويحدّ من مستويات الابتكار. أما الحل الثاني، فيتطلب وقتاً وطاقة، ولكنّنا نؤكّد على أنه استثمار يستحق العناء. ومن المعروف عن الخبرة أنّها تُبنى عن طريق الممارسة. وكلما طال الوقت الذي يمضيه الأولاد «الذين ولدوا في محيط رقمي» في وسائل الإعلام الترفيهية، زادت خسارتنا للذكاء اللمسي البالغ الأهمّية لتصميم منتجات مادية وتصنيعها. وبالتالي، دعونا نشجّع أولادنا على المباشرة في البناء الفعليّ، وعلى العودة إلى التصليح. ولنجعل المدارس تشجّع تلاميذها على توسيخ أياديهم خلال مشاريع وتجارب. ولنعمد إلى سدّ الثغور التي نراها منذ الآن في جيل العاملين القادم. ولنقدم على تمكين الذكاء اللمسي الذي يلزمنا إلى حدّ كبير لنبقي على تنافسيتنا في سوقنا العالمي المتزايد النمو.