قرأت في العدد 14979 ليوم الأربعاء الموافق 26-11-1434ه وبالصفحة الأولى عنواناً بارزاً: الشورى يناقش مطالبات بإلغاء السجن من عقوبات ساهر. وقد اعترضت إحدى العضوات على هذا القرار بحجة أن السجن تأديب لمن لا يبالون بالتقيد بالأنظمة، وحيث إن موضوع ساهر قد تحدث عنه عدد كبير من الإخوة الكتّاب موضحين كثرة السلبيات فيه، وأن الإيجابية فيه هو خفض السرعة فقط التي يعتبرها المرور هي المسبب الأول للحوادث. فإذا نظرنا إلى الحوادث التي تحدث حسب الإحصائيات، لا شك أن السرعة من الأسباب المؤدية إليها ولكنها ليست السبب الوحيد التي تجعل المرور يركز عليها ويؤذي عباد الله في شفط جيوبهم وتعطيل معاملاتهم وبصفة مستمرة ناهيك عن الطرق السلبية المختلفة التي يتعامل بها ساهر مع نظامه الغريب.. فلو نظرنا إلى الرسوم الباهظة التي يتقاضاها لوجدنا أنها دون أدنى شك ذات هدف مادي بحت وليس علاجياً أو توعوياً؛ فمبلغ الخمسمائة ريال للمرة الأولى مكلف جداً ولا يستطيع كل سائق أن يدفع هذا المبلغ ناهيك إذا ما عرفنا أن المعايير التي حددت بها السرعة في شوارع المدن والمحافظات وعلى الطرق الخارجية ليست مدروسة وليست واضحة وليست على أسس.. فمثلاً السرعة على الطرق السريعة ذات المسارات الواسعة حددت ب120كم في الساعة وهذا أمر فيه إجحاف خاصة إذا ما عرفنا أن السيارات الآن كلها حديثة وسرعتها تصل إلى 240كم في الساعة والطرق بحمدالله واسعة ومساراتها كثيرة ثم الطريقة التي يستخدمها ساهر في إخفاء أجهزته والتعتيم عليها؛ ويماثله في ذلك أمن الطرق الذي هو الآخر ركز على هذا الموضوع وترك الأهم وهو متابعة الأمن الذي أنشئ من أجله. إن إيجاد نظام صريح وواضح لنظام ساهر سيكون له المردود الإيجابي في المحافظة على التقليل من السرعة وبعبارة أدق إذا عرف الناس أن هدف ساهر توعوي وعلاجي في نفس الوقت وليس الهدف مادياً فقط.. والأدهى من هذا كله هو تبني هذا الموضوع بحذافيره من قبل الإدارة العامة للمرور ممثلة بمديرها العام، وهو لا يتبع للمرور وترك المواضيع الأخرى التي لا تقل أهميتها عن أهمية السرعة في حدوث الحوادث. فلو نظرنا مثلاً إلى أم الحوادث الشاحنات التي أقلقت راحة السائقين في المدن والطرق الرئيسية وسببت لهم حوادث شنيعة وكثيرة، بل وكانت في غاية الخطورة وما زال مرورنا العزيز يتجاهل ذلك كأنه ليس من صميم اختصاصه. إن حوادث الشاحنات كثيرة ومزعجة، وقائدوها ليسوا على مستوى المسؤولية؛ والأدلة على ذلك كثيرة يأتي في مقدمتها شاحنة الغاز الطيبة الذكر وشاحنة الدائري الشرقي الأطيب ذكراً وغيرهما كثير. المرور العزيز يعرف ذلك في إحصائياته التي يحتفظ بها لنفسه فقط؛ وأما مسببات الحوادث الأخرى التي يتجاهلها المرور أيضاً هو عدم تواجد أفراده في الشوارع والتقاطعات المهمة، والمتابعة على الطرق.. والناس بحمد الله مهتمون بذلك جيداً دونما مراقبة من المرور وإذا ما وجدت سيارة مرور واقفة في أي مكان مثلاً فإن رجل المرور يقبع داخلها ويتتبع رسائل جواله دونما اهتمام بحركة السير والمخالفين وهذه حقيقة نلاحظها دائماً في شوارع المدن والمحافظات.. فأين اهتمام المرور بمتابعة السيارات التي تسير بدون لوحات أو لوحات مطموسة بالأوساخ المتراكمة؟.. وأين متابعة السيارات الخردة التي تسير بدون أنوار ليلاً وتساهم مساهمة فعالة في نفث سمومها وتعكير صفو البيئة بأدخنتها المتهالكة، ناهيك عن إطاراتها المنتهية تماماً؟.. أليست هذه السيارات سبباً رئيساً في الحوادث؟.. ثم أين مراقبة سائقي الدراجات النارية والعادية الذين يجولون بالشوارع ليلاً ونهاراً دون حسيب أو رقيب أو اهتمام بأنظمة المرور، وهم بذلك يساهمون مساهمة كبيرة بكثرة الحوادث التي تقع ويذهب ضحيتها عدد كبير منهم، وآخرون هم من سبب لهم ذلك؟.. ثم أين متابعة المرور لتلك السيارات الخردة التي مضى عليها مدة طويلة من الزمن في الشوارع الرئيسية وهي غير معروفة لمن يمتلكها.. ثم ظاهرة الوقوف المزدوج بالشوارع وأمام التقاطعات والمطاعم والمطابخ وأماكن بيع القهوة والمرور لم يحرك ساكناً في هذا المجال؟!.. ثم الطامة الكبرى في الحوادث بل وملك الحوادث التفحيط الذي ما زال المرور يضرب كفاً بكف تجاه هذا الموضوع وكأني به يقول لن أستطيع القضاء على هذه المشكلة وليست من صميم اختصاصي.. ثم أين المرور من شاحنات نقل الإسمنت التي تسير بسرعة جنونية بالشوارع وتسقط مخلفاتها أثناء السير وتساهم مساهمة كبيرة في إيجاد المطبات من الإسمنت ثم الوقوف بالشوارع الرئيسية داخل الأحياء بطرق عشوائية وغير منتظمة مما يسبب كثيراً من الحوادث؟!.. لن أطيل كثيراً في هذا الموضوع، فالرسالة ربما أنها وصلت وما أنا بصدد التأكيد عليه هو أن نظام ساهر لن يقلل من الحوادث بقدر ما يزيدها لا سيما إذا ما عرف السائق أن الهدف منه ليس كذلك، وإنما هومادي بالدرجة الأولى، وإذا أراد المرور الاهتمام بالموضوع جيداً فليكن هناك معايير لتنظيم السرعة في المدن وعلى الطرق الخارجية وتقليل قيمة المخالفات التي أرهقت جيوب الناس ووضع نظام توعوي يوضح وجود ساهر والأهداف التي أنشئ من أجله، وأن يكون واضحاً على الطرق والشوارع بالمدن لا مختبئاً حتى يماثل ذلك كافة دول العالم التي توضح تواجده. ختاماً أتمنى من الله العلي القدير أن يوفق المخلصين لما فيه الخير وأن يكون هناك اهتمام جاد بهذا الموضوع كي يحقق الأهداف المرجوة التي وضع من أجلها. والله الموفق،،،