تعكف دول مجلس التعاون الخليجي حالياً على وضع الترتيبات تمهيداً للإعلان بشكل رسمي، عن تشكيل هيئة قضائية - وفقاً للمادة 27 من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول الأعضاء – كإحدى آليات تسوية أي قضايا أو منازعات اقتصادية لا يتم البت فيها من خلال الآليات التي وضعتها الأمانة العامة للمجلس. حيث يترقب الخليجيون أن ترفع توصية بهذا الخصوص إلى قمة قادة دول المجلس المقبلة التي ستعقد في الكويت، وذلك تمهيداً لاعتمادها. واتفق وزراء المال الخليجيون في اجتماعهم الذي عقد مؤخراً في الرياض على دعوة اللجنة المختصة بصياغة مشروع النظام الأساسي للهيئة المعنية بتسوية الدعاوى الاقتصادية للانتهاء من إعداد صيغته النهائية ورفعه إلى مقام المجلس الأعلى في دورته المقبلة بشهر ديسمبر المقبل في الكويت. ومن المعلوم أن وجود مرجع قضائي لأحكام الاتفاقية الاقتصادية لدول الخليج والقرارات المنبثقة عنها والتي تم إقرارها في كانون الأول (ديسمبر) 2001، سيساعد بشكل أساسي على توحيد مفاهيم ومستويات التطبيق في الدول الأعضاء، على أن فعالية مثل هذه الهيئة تتوقف على وضع نظام دقيق يشمل إجراءات التقاضي أمامها ويحكم جميع أوجه عملها. كما أن المتعارف عليه في أي تجمع اقتصادي أن الهيئة القضائية تؤدي دوراً أساسياً كمرجع لحل الخلافات وتكون أحكامها مرجعاً لتنفيذ الاتفاقيات بين الدول الأعضاء، وضامناً لسرعة تنفيذ القرارات وتطبيقها على أرض الواقع وتحقيق العدل لجميع الأطراف، وتساعد بذلك على تحقيق المواطنة الاقتصادية. وتنطلق فكرة إنشاء هيئة قضائية اقتصادية من الاتفاقية الاقتصادية بين دول مجلس التعاون، حيث حددت المادة 27 من الاتفاقية على تشكيل هيئة قضائية كإحدى آليات تسوية الخلافات، حيث تضمنت المادة بأن تنظر الأمانة العامّة في دعاوى عدم تنفيذ أحكام هذه الاتفاقية أو القرارات المصادق عليها الصادرة تطبيقاً لأحكامها التي يرفعها أي من الجهات الرسمية أو مواطني دول المجلس وتسعى إلى حلّها ودياً، وفي حال لم تتمكن الأمانة العامّة من التوصّل إلى حل ودي تحال الدعوى باتفاق الطرفين إلى مركز التحكيم التجاري لدول المجلس للنظر فيها بحسب نظامه فإن لم يتفقا على التحكيم أو كانت الدعوى خارج اختصاص المركز أُحيلت إلى الهيئة القضائية. ونصت المادة ذاتها بأن تُشكّل هيئة قضائية مختصة كلما دعت الحاجة للنظر في الدعاوى الناشئة عن تنفيذ أحكام هذه الاتفاقية أو القرارات الصادرة تطبيقاً لأحكامها، وإلى أن يتم العمل بنظام هذه الهيئة تحال الدعاوى التي لا يتفق الطرفان فيها على التحكيم ولا تتمكن الأمانة العامّة من تسويتها ودّياً إلى اللجان المختصة في إطار المجلس للبت فيها. وكان اجتماع مشترك جمع الدكتور عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي وخليل الخنجي رئيس اتحاد غرف دول مجلس التعاون قد خرج بالاتفاق على أهمية البحث في إجراءات تأسيس الهيئة القضائية، التي ستعمل على حلّ المشكلات والصعوبات التي تواجه القطاع الخاص الخليجي في مزاولة العمل التجاري أو الاقتصادي وتعرقل من تحقيق المواطنة الاقتصاديَّة واعتبار الاتفاقية الاقتصاديَّة الموحدة الأساس للعمل التجاري الخليجي الحر، مع التأكيد على استمرار الاتحاد في تزويد الأمانة العامَّة للمجلس بالقضايا العالقة والمستندات الخاصَّة بها والعمل لإيجاد الحلول المناسبة بشأنها.