16 يوماً مرت من توقف الدولة الفدرالية، التي أقفلت جزئياً منذ الأول من أكتوبر وأخذت من الاقتصاد الأميركي بحسب وكالة ستاندر اند بورز أكثر من 24 مليار دولار، وحوالي 0.6% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من السنة الحالية، وكلف أيضاً الكثير من الثقة في أكبر اقتصاد في العالم، والتي تزعزعت من جهة الدائنين وعلى رأسهم الصين بحوالي 1.3 تريليون دولار، وبدأت تبحث عن وسائل جديدة لتنويع استثماراتها، وأبدت امتعاضها من طريقة معالجة الولاياتالمتحدة لشلل الميزانية وعدم تحمّل مسؤولياتها، وترك الحلول دائماً الى مرحلة الساعات الأخيرة من المهلة. وبالرغم من أن الاتفاق الذي مر بداية في مجلس الشيوخ المهيمن عليه الحزب الديمقراطي بتصويت أغلبية 81 صوتاً مقابل 18 لصالح النص، ولكن في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري المعركة لم تكن سهلة، ولوحظ وجود عدد كبير من الجمهوريين مدعومين من أعضاء حزب الشاي صوتوا ضد النص، ولكن في النهاية أُقر الاتفاق بأغلبية وتأييد 285 نائباًَ مقابل 144 رفضوه، ويعبر هذا العدد الكبير «ثلثان من النواب الجمهوريين مقابل ثلث معارض للاتفاق» عن نوع من انقسام شديد داخل أجنحة الحزب الجمهوري حول طريقة المفاوضات مع البيت الأبيض في معالجة رفع سقف الدين. الأسواق المالية في وول ستريت لم تكن تنصت الى واشنطن، وكانت تعتقد دائماً أنه سيكون هناك اتفاق حتى لو أتى في الساعات الأخيرة، كما حصل ذلك في الأزمة السابقة منذ سنتين، ولذلك كان هناك تذبذباً أكثر من تراجعات كبيرة، ولم نشاهد طوال الأزمة هبوطاً كبيراً بحجم 2.5 % في جلسة واحدة رغم أن المؤشر تراجع أثناء فترة المفاوضات وكسر مستويات ال 15 ألف نقطة، ووصل الى حدود 14.700 نقطة. ومع صدور الاتفاق كسر مؤشر ستاندر اند بورز أعلى مستوى له إغلاقاً عند 1.721 نقطة ويبقى أعلى مستوى له تداولاً عند 1.734 نقطة سجل في جلسة 19 سبتمبر. ويبقى الرئيس أوباما هو الرابح الأكبر بعد رضوخ الحزب الجمهوري لرفع سقف الدين دون المساس على الأقل في هذه المرحلة بالسبب الرئيس لموضوع الاختلاف وهو قانون أوباما للرعاية الصحية، ولم يتعرض تصنيف الولاياتالمتحدة الى أي تخفيض في الجدارة الائتمانية من قبل وكالات التصنيف الائتماني الثلاثة الكبار كما حصل في المرة السابقة عندما خفضت وكالة ستاندر اند بورز تصنيفها من AAA الى AA+ ، ولكن أيضاً كما ذكرنا حصل اهتزاز في الثقة بالاقتصاد الأميركي. الخاسر الأكبر كان حزب الشاي، حيث هبطت شعبيته لأدنى مستوى في تاريخه بحسب استطلاع جديد، وذلك من جراء كيفية تعاطيه مع المشكلة، ولعبه دوراً سلبياً بحسب الاستطلاع، وأيضاً مع الانقسامات داخل الحزب الجمهوري ومع الجولة الخاسرة الأخيرة، أصبح موقفهم حرجاً في الانتخابات التي ستجري العام المقبل. ويعتقد بعض الجمهوريين أنه كان من الخطأ اعتماد قانون أوباما للرعاية الصحية عنواناً للمعركة مع البيت الأبيض.