عزل المخرج وودي آلن نفسه عن مدينته المفضّلة نيويورك طوال السنوات الماضية، يعود هذا السنة ولا يأبه كثيرًا لهذه المدينة ويقدم لنا مدينة جديدة ساحرة أيْضًا وهي سان فرانسيسكو من خلال فيلم «Blue Jasmine» الذي توجه بنص وقصة مختلفة عمَّا تعوّدناه من هذا المخرج المتعهد بكتابة نصوص كوميدية بحس عاطفي. بقصة سيدة مربكة مدمنة مريضة نفسيًا، وعاطفيًا، وأخلاقيًا، يغوص بنا وودي آلن بعالم جديد لم نعهده منه كثيرًا وهو عالم الدراما التراجيدية. بإيقاع درامي لافت وبمونتاج غير مرتب زمنيًّا نتعرَّف في هذا الفيلم على السيدة جاسمين التي لديها علاقة مرتبكة مع كل من تعرف سواء زوجها الثري والمشتبه بعلاقاته غير الشرعية أو أختها التي تعيش في مدينة سان فرانسيسكو. بأدبيات سينمائية درامية لافتة يقدم لنا وودي آلن أحد أفضل نصوصه في السنوات الخمس الأخيرة، وبلغة راقية على مستوى الصورة يلعب المخرج زمنيًا في المونتاج ليجعل من قصته أكثر تشويقًا. المونتاج في الفيلم والطريقة التي عرض فيها السيناريو المتلاعب به زمنيًّا كان الخطوة الفنيَّة الأكثر جرأة في تاريخ وودي. من المنصف القول بأن المعالجة الدرامية في هذا الفيلم كانت على أعلى المستويات وكأن المخرج سبق نال شهادة الدكتوراة في علم النفس. الأداء التمثيليي في هذا الفيلم كان حاضرًا من خلال اسم واحد فقط لا غير وهو كيت بلانشيت التي قدمت أفضل أدوارها على الإطلاق في مسيرتها السينمائية، حضور نفسي وتأهيل جاذب للشخصيَّة، كيت بلانشيت بلا شكَّ سوف تنال جوائز كثيرة هذا العام. الفيلم سينافس على جوائز عدَّة ولعل أبزها أفضل فيلم وسيناريو ومخرج وممثلة رئيسة، أحد أهم أفلام العام وبلا شكَّ ينصح بمشاهدته.