تمر بنا هذه الأيام ذكرى اليوم الوطني لبلادنا، وهو اليوم الذي تم فيه -بعون الله- وحدة هذا الوطن وتلاحم أبنائه على يد الملك عبدالعزيز -رحمة الله- في ضوء كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهي ذكرى عزيزة وغالية على كل مواطن ومواطنه بسبب آثارها الإيجابية التي تشاهد يوماً بعد يوم في حياة مجتمعنا. ومن أجل ذلك يؤكد الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- من حين لآخر على أهمية الوحدة الوطنية والمساواة بين كافة المواطنين في سائر المناطق الإدارية وأن الاحتفاء باليوم الوطني للمملكة العربية السعودية يعتبر تجسيداً للوحدة الوطنية، وهي مشاعر لا غبار عليها باعتبارها مشاعر كل مواطن مخلص وغيور على بلاده فقد كانت (المملكة العربية السعودية) قبل التأسيس والتوحيد على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في سنة 1351ه الموافق سنة 1332م في حالة يرثى لها؛ فقر مدقع وجهل مركب ومنازعات مستمرة وعصبية متأججة وأجزاء متعادية، فالغني يحتقر الفقير والقوي يغزو الضعيف، فكان المواطن لا يأمن على عرضه ونفسه وماله وكان لذلك أسبابه، ومن أهم تلك الأسباب بُعد الناس عن معين الإسلام الصحيح الذي جاء على سيد البشرية -صلى الله عليه وسلم- إذ المعروف أن هذه الجزيرة قد نعمت بالاستقرار والحياة الكريمة بعد ظهور وانتصار الإسلام، بعد أن كانت قبل الإسلام تعيش في ظل عادات وبطش الجاهلية، فأعزها الله بالإسلام، وظلت على ذلك قرونا إلى أن بدأت تتراجع بسبب بعدها عن مبادئ وقواعد الدين الحنيف، فبدأت تظهر على السطح العادات الجاهلية من غزو القوي للضعيف واحتقار الغني للفقير والاعتداء على حقوق وكرامة الآخرين والنهب والسرقة والظلم والإقصاء، ونحو ذلك، واستمر الوضع كذلك إلى أن قيض الله -عز وجل- لهذه البلاد الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمهما الله- عندما اتفقا؛ الإمام بسلطته والشيخ بعلمه. وفي سنة 1390ه وفي عهد الملك فيصل -رحمه الله- بدأت الدولة في تنفيذ خطط التنمية الطموحة الشاملة، التي استمر تنفيذها في عهد الملك خالد -رحمه الله-، ثم في عهد الملك فهد -رحمه الله- الذي تم في عهده أيضاً سنة 1412ه إعادة العمل بمجلس الشورى واستحداث نظام جديد لمجلس الوزراء وصدور النظام الأساسي للحكم وصدور نظام المناطق، وقد قضى النظام الأساسي للحكم بأن القرآن الكريم والسنة النبوية هما دستور المملكة، وأن الأسرة هي أساس المجتمع، كما شمل القواعد الرئيسية التي تهم هذا الوطن من سياسية واجتماعية واقتصادية وعسكرية، ومن ذلك ما يتعلق بضرورة الترابط والتعاون بين أفراد المجتمع من أجل الحفاظ على تلك الوحدة المتمثلة في التعاون والتكامل، وفق شريعة الله -عز وجل- وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. وفي نهاية الشهر السادس من سنة 1426ه تسلم الملك عبدالله المسؤولية، حيث تحقق في عهده -أيده الله- إنجازات كبيرة في مختلف المجالات، ومن ذلك ما يلي: * استحداث الكثير من الجامعات في كافة المناطق، حيث بلغ عدد الجامعات (25) جامعة، بعد أن كان عددها ثماني جامعات. * إنشاء الكثير من المدن الاقتصادية التي سوف تدعم الاقتصاد الوطني وتوفر آلاف الفرص الوظيفية للشباب السعودي، ومنها مدينة رابغ الاقتصادية التي بلغت تكلفتها (100) مليار ريال. * رفع رأس مال صندوق التنمية العقارية بمبلغ إضافي قدره تسعة آلاف مليون ريال. * ترسيم موظفي الدولة العاملين على لائحة المستخدمين وبند الأجور وبند الوظائف المؤقتة. * إنشاء مركز مالي متطور بالعاصمة الرياض. * توسعة ساحات الحرم المكي والمسعى وجسر الجمرات وتطوير الساحات المحيطة بالمسجد النبوي. * تطوير التعليم العام بتكلفة (9) مليارات ريال ومن ذلك تطوير المناهج وإعادة تأهيل المعلمين والمعلمات وتحسين البيئة التربوية. * تطوير القضاء وإصدار نظام موحد للقضاء العام والقضاء الإداري. * إدخال المرأة السعودية في عضوية مجلس الشورى للمساهمة في خدمة وطنها. * حرصه على الإصلاح الاجتماعي والتآلف والتوافق بين شرائح المواطنين بإنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني. * اهتمامه بضرورة توفر النزاهة في الجهاز الحكومي وأن يتم شغل الوظائف العليا في الدولة بذوي الكفاءة. وبعد فإنه إذا كانت الوحدة مطلوبة في أي وقت فإن حتميتها في ظل الظروف والأحداث الإقليمية الدولية المتعاقبة في الوقت الحاضر لأمر ضروري لبلادنا، وعلينا مواجهة ذلك بالتمسك بالمفهوم الصحيح للإسلام والإخلاص للوطن والعمل على تقدمه ورفاهيته بمزيد من التلاحم والوحدة والتعاون والإخاء. [email protected] حائل