الاحتفال بالذكرى الثالثة والثمانين لليوم الوطني حدث يبعث في نفوسنا التأمل في التاريخ، وقصة التأسيس والتمكين لهذه الدولة التي نعتز ونفتخر ونتشرف بالانتماء إليها، وننعم بالعيش تحت ظلالها الوارفة، وفي أمنها وأمانها ووفرتها ورخائها. هذا الاحتفال ليس من مقاصده الفرح والابتهاج فقط لمجرد إحياء الذكرى، بل من مقاصده الوقوف والتعمق في معنى التأسيس والتوحيد وقيام المملكة العربية السعودية بمواصفات متكاملة، لقد ولدت المملكة قوية عملاقة، وأصبحت رقماً مهماً على الخارطة الدولية، لا يمكن تجاوزها أو إهمالها أو القفز عليها، جمعت ما بين الاستقرار الاجتماعي والأمني والاقتصادي، وحظيت بقيادة تتمتع بالحكمة والرأي السديد والرشد وحسن السياسة ورجاحة العقل. سارت على درب المؤسس ومنهج التأسيس، فتحقق على يديها بفضل الله كل ما رسمه الملك عبد العزيز - رحمه الله - من آمال وتطلعات وهو يضع اللبنات الأولى لهذا البناء الشامخ الكبير. هذه المناسبة التي تتوحد فيها المشاعر، فرصة سانحة لجمع الكلمة وتوحيد الصف في مواجهة التهديدات أياً كان نوعها وحجمها ومصدرها وتوقيتها، فحب الوطن لا يعني التغني به وحسب، بل بذل كل غال ونفيس من اجل حمايته وحفظ مقدراته، وإبعاد شبح التهديدات عنه. إن مفهوم الوطنية العميق يفرض علينا جميعاً أن نخلص في أعمالنا، كل في مجاله، ونبذل المزيد من الجهد ليس كأفراد فقط، بل أيضاً كمؤسسات ومصالح ومرافق، خصوصاً المؤسسات القوية ذات القدرة على التأثير وصنع السياسات في مختلف المجالات، وسن الأنظمة واللوائح وتنفيذها، فالإخلاص كل لا يتجزأ، والوفاء ليس قاصراً على الأفراد، والنزاهة من حب الوطن، وهي أعمق من مظاهر الاحتفال والألوان والأعلام وإقامة المهرجانات وغيرها من الفعاليات التي تعكس مشاعر الناس وفرحتهم بهذه المناسبة العظيمة. إن المنجزات التي تحققت على كافة الأصعدة، وشكلت السمة الظاهرة لهذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، تجسد الرؤية العميقة التي ارتكزت عليها قواعد التأسيس، ولبنات البناء، على يدي الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - ورجاله المخلصين، وتعكس القيم والمبادئ التي قامت عليها المملكة العربية السعودية. ويجيء احتفالنا بهذا اليوم من كل عام عرفاناً بتلك الجهود، واعتزازاً وافتخاراً بتلك العبقرية التي صنعت هذه الدولة بهذه المواصفات الخاصة، وكلما مرت بنا هذه الذكرى، تنطلق دولتنا إلى أفق جديد وبصحبتها الكثير من مظاهر التطور والتقدم، وتحقيق الكثير من المنجزات، في مختلف المجالات، بما يلبي تطلعات المواطنين، ويجسد أحلامهم على أرض الواقع. وكلما توفر لدينا المزيد من الخدمات سواء على صعيد السكن أو التعليم أو الصحة أو الأمن أو غير ذلك، يدفعنا ذلك إلى مضاعفة الجهد، والتطلع إلى المزيد من مظاهر الرفاهية والتقدم والرخاء والوفرة والازدهار، لأن تحسين هذه الخدمات وتطويرها بشكل مستمر حق من حقوق المواطنين، وجانب من أحلامهم وتطلعاتهم التي تتجدد ويرتفع سقفها تباعاً. - مدير عام إدارة الإعلام والتوعية بالهيئة