في الوقت الذي تنامت طلبات الشراء عن طريق الإنترنت في المجتمع السعودي من خلال مواقع البيع والشراء على شبكة الإنترنت، بيرز التساؤل حول مستوى الأمان المتوفر لهذا النوع من التجارة، إذ تظل الحاجة إلى نظام يضمن المصداقية في التعامل بعيداً عن طرق النصب والاحتيال التجاري. «الجزيرة» استطلعت آراء اقصاديين ومتخصصين حول سبل الحد من مخاطر الشراء عبر الإنترنت والإجراءات الحكومية المتبعة في هذا الشأن. وقدر المختصون قيمة التعاملات من خلال التجارة الإلكترونية في المملكة بحوالي 540 مليون دولار أمريكي. وقال المحامي الدكتور منصور الخنيزان: بالفعل زادت في الفترة الأخيرة ظاهرة التسوق عن طريق شبكة الإنترنت، ولا شك أن هذا الأمر مرتبط بالإقبال الكبير من المجتمع السعودي على استخدام وسائل التقنية الحديثة، ومن بينها الإنترنت، إذ بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة طبقاً لدراسة حديثة ما يقرب من عشرة ملايين مستخدم، لذا كان من الطبيعي أن تتفاعل هذه الفئة مع ما هو معروض على شبكة الإنترنت من مواد شرائية، خصوصاً أن الكثير من هذه الشركات تقوم بدراسة متطلبات كل مجتمع والإعلان عنها لجذبه لعملية الشراء. وبخصوص مستوى الأمان عند الشراء من مواقع التسوق الإلكتروني، فإن مكمن خطورته هو استخدام بطاقة الائتمان، ومدى مصداقية البائع في إيصال المنتج إلى طالبه على النحو المعلن عنه، ويوجد بعض الإجراءات التي يمكن استخدامها عند الشراء عن طريق الإنترنت للحد من هذه المخاطر، منها أن يكون جهاز الكمبيوتر الخاص بالمتسوق عليه حزمة محدثة من برامج مكافحة الفيروسات والتجسس، إذ يمكن من دون هذه البرامج أن يصبح جهاز المستخدم عرضة للتجسس وسرقة بيانات بطاقة ائتمان المشتري واستخدامها بغير علمه في عمليات أخرى، كما أن التعامل مع مواقع التسوق العالمية ذات السمعة الطيبة والتي توفر قدراً من الحماية عند التعامل معها، إضافة لحرصها على إيصال المنتج يؤدي إلى تدني نسبة تعرض المستخدم لأي عمليات قرصنة إلكترونية، لذا فإن مستوى الأمان يتوقف على هذه العوامل وقبلها حرص المتسوق وفطنته في عدم التعامل مع كل ما هو معروض. ومن الجدير بالذكر أن بعض مواقع التسوق تقوم الآن باستلام مقابل المنتج عند تسليمه رغبة منها في توفير قدر من الأمان والثقة للمتسوق. أما عن الحماية التي توفرها الدولة في هذا الصدد فقد جاء النص في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية «أنه يعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد عن مليوني ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام بالوصول - بدون مسوغ نظامي صحيح إلى بيانات بنكية، أو ائتمانية، أو بيانات متعلقة بملكية أوراق مالية للحصول على بيانات، أو معلومات، أو أموال، أو ما تتيحه من خدمات». وتقدم الشكوى من المتضرر إلى قسم الشرطة والذي يتولى بدوره التحقيق في هذه الجرائم وتقوم هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بتقديم الدعم الفني للجهات الأمنية للوقوف على هذه الجرائم وتحديد مرتكبيها. ولا يوجد إحصاء منشور من جهة رسمية يوضح عدد هذه الجرائم، (فيما عدا ما ينشر على شبكة الإنترنت من تجارب شخصية من بعض المتسوقين تعرضوا فيها لجرائم إلكترونية). وقال الباحث والمستشار في أنظمة المعلومات يزيد الطويل ل «الجزيرة» يعد مستوى الأمان متذبذباً بين المتاجر الإلكترونية خصوصاً الناشئة منها، وتعتمد الثقة على التجارب السابقة للمشترين من ذلك المتجر والآراء التي تدور حوله فيما إذا كان ذا مستوى آمن أم غير ذلك. ولاعتماد مستوى الأمان بشكل عام، يتم غالباً وضع شهادة الأمان في المواقع الإلكترونية التي تحوي تعاملات مالية، وتسمى هذه الشهادة Secure Sockets Layer او (SSL) حيث يتم إبرازها في الموقع لإعطاء نوع من الراحة لرواد ذلك المتجر او الموقع الإلكتروني التي يتم التعامل فيه مالياً. أما سبب لجوء بعض الزوار للشراء من تلك المواقع يكون إما بسبب وجود بضائع بأسعار مخفضة او منتجات غير موجودة في الأسواق لتكون شركاً يمكن استقطاب الزوار من خلاله. أيضاً التعامل مع تلك المواقع من قبل المجتمع يجب أن تكون أكثر وعياً ويجب البحث والسؤال دائماً عن مصدر ذلك الموقع ومن يقف خلفه، وما إذا كان هناك تسجيل رسمي لذلك الموقع وامتلاكه لتصريح بمزاولة تلك المهنة من خلال سجل تجاري او أوراق رسمية تبين الملكية. وتابع الطويل: إن رواد الأعمال الجدد يجب أن يؤمنوا بأنهم لا يستطيعون فعل كل شيء وحدهم ولذلك ينقصهم إيجاد شركاء يكملون مواطن الضعف لإعطاء قوة واستمرار للمشاريع الناشئة والتي تحتاج في بدايتها للكثير من العمل، وتحتاج أيضاً لأشخاص متعددي الخبرات يقدمون كل ما لديهم للارتقاء بذلك المشروع الناشئ لخط الاستقرار، حيث يصعب ذلك العمل على أن يقوم به رائد الأعمال لوحده. أيضاً، دائماً نرى أن رواد الأعمال الجدد يخافون من أن يشاركهم أشخاص آخرون الفكرة او المشروع، إما طمعاً لتملك النسبة كاملة، او خوفاً وعدم ثقة في الشركاء الجدد الذين قد ينضمون لذلك المشروع، ولهذا نجد أن أغلب المشاريع الناشئة او المبتدئة لا ترى النور في نهاية المطاف لأنهم لم يلجوا أولا لأصحاب خبرات سابقة ليستقوا من قصص نجاحهم ولا ليتجنبوا الأخطاء التي وقع فيها غيرهم من خلال الالتقاء بأصحاب المشاريع الناشئة التي فشلت. وأضاف: يدّعي أصحاب المشاريع الناشئة أن أول عثرة تقف في طريقهم هي التمويل، ومن رأي شخصي لا أرى أن التمويل سبب كاف لإيقاف أي مشروع، لأن المشروع الناجح سيقود إليه الكثير من المستثمرين الذين سيستميتون للاستثمار فيه لعلمهم أن من يقود ذلك المشروع هو شخص أوصله لنجاح بسيط من دون أدوات كافية، ولو توفرتالأدوات الكافية من تمويل واستثمار لأصبح المشروع أكثر نجاحاً. وأنا في اعتقادي أن أكثر المشكلات التي تواجه أصحاب المشاريع الناشئة هي الخبرة في كيفية إنشاء المشروع ومتابعته وتنميته، وأيضاً بناء فريق العمل وتطوير الأعمال الى مراحل أكثر تقدماً. ولذلك يحتاج ملاك المشاريع الناشئة الاستشارة دوماً، وزيارة رواد أعمال أكثر استقراراً للاحتكاك بخبرات فعلية وتجارب ذات قيمة تضيف الكثير من المعلومات التي ستتحول بالطبع الى قرارات إدارية وتنفيذية ناجحة تزيد من قوة المشروع وتسرع عملية نموه. وأشار إلى أن نسبة تملك المتاجر الإلكترونية من قبل الأفراد أكبر منها من الشركات، وذلك لعدم دخول كثير من الشركات الكبرى في هذا المجال في الوقت الراهن. في دراسة أعددتها في بداية 2012 كانت الإحصاءات تشير الى أن عدد المتاجر الإلكترونية للأفراد تمثل حوالي 79%، وأعتقد أن هذا العدد أصبح أكبر، وذلك بازدياد وجود الأفراد وعدم دخول شركات جديدة للسوق، إذ انخفضت نسبة الشركات في اعتقادي ربما لتثمل حالياً ما بين 10-15% كحد أقصى مقارنة بوجود الأفراد. أيضاً وجدنا أن عدداً من الشركات أغلق متجره الإلكتروني رغم أنه تم الاستثمار فيه بمبالغ تصل إلى ملايين الريالات بسبب عدم وجود أشخاص قادرين على إدارته وإيصاله الى المستهلكين بشكل جيد مما أدى الى فشل المشروع وإنهائه. وحول حجم السوق السعودية من سوق التجارة الإلكترونية قال: لو أخذنا الحجم بشكل مجمل في المنطقة لوجدنا أن التوقعات تشير الى أن حجم التجارة الإلكترونية ستصل الى 15 مليار دولار خلال عام 2015، أما لو أخذنا الحجم في منطقة الخليج لوجدنا أن المملكة العربية السعودية تقف ثانياً بين دول الخليج كحجم لسوق التجارة الإلكترونية، حيث تقدر قيمة التعاملات من خلال التجارة الإلكترونية في السعودية بحوالي 540 مليون دولار أمريكي، العدد بالطبع لن يقف عند هذا الحد، بل هي البداية وفي حال تكامل الجهات ذات العلاقة بالتجارة الإلكترونية مثل البريد، العناوين، الدفع الإلكتروني، وقوانين وزارة التجارة سنجد أن الأمر سيمر بقفزات أسرع لتحقيق عائدات أكبر في هذا المجال. وعن نسبة الإقبال على السلع إلكترونياً ونسبة الإقبال على الخدمات قال: يعد الإقبال نوعياً وجيداً في المرحلة الحالية كبداية أولية لمثل هذه الصناعة الموجودة حديثاً في المملكة العربية السعودية. فبحكم علاقتنا في هذا المجال من خلال «متجر باتزوكذلك «متجر ورقات» نجد أن هناك نسبة إقبال متزايدة منذ أن قمنا بإنشاء متاجرنا الإلكترونية في عام 2012، ولكن ما يزيد من الإقبال أكثر هو نوعية الخدمات المقدمة من قبل المتاجر الإلكترونية لعملائها، مثل سياسات الاستبدال والاسترجاع وأيضاً سرعة التوصيل والشحن، وكذلك توفير أقسام لخدمات العملاء تقوم بالرد على استفسارات العملاء من خلال عدة تطبيقات، كالبريد الإلكتروني، والشبكات الاجتماعية، وكذلك هاتف الدعم الفني. أما من ناحية الأرقام، فتشير بعض الإحصاءات الى أن حوالي 39% من سكان المملكة غالباً يتسوقون من خلال الإنترنت لشراء الخدمات او المنتجات التي يحتاجون، إذ إن تلك النسبة تشكل حوالي 3 ملايين شخص من سكان المملكة يقومون بالتسوق إلكترونياً وبشكل دوري. وقال المحامي والمستشار القانوني فهد الدغيلبي: الشراء عبارة عن عقد بين طرفين ينعقد بالإيجاب والقبول، فالإيجاب يكون من قبل الشركات والتجار الذين يقومون بعرض منتجاتهم عبر مواقع الشبكة الإلكترونية، والقبول هو ما يتم من قبل الشخص الراغب في الحصول على هذا المنتج أو السلعة، وغالباً ما يكون المشتري في هذه العقود الطرف الضعيف في العملية التعاقدية، لأن العقد الإلكتروني أشبه ما يكون بعقد إذعان إن لم يكن هناك تفاوض من قبل المشتري، لذا حرص الكثير من الأنظمة الدولية على مراعاة اللغة الأم للمستهلك الراغب في الشراء، فاللغة هي الوسيلة لفهم محتوى العقد الذي يريد المستهلك الإقدام عليه. أما من ناحية الأمان بالنسبة لعملية الشراء، فهناك الكثير من عمليات النصب والاحتيال، وغالباً ما يقع المستهلك ضحية لها، مستغلين بذلك غفلة ضحاياهم وجهلهم للإجراءات القانونية المنظمة لعمليات الشراء. وفي المقابل هناك مواقع عالمية موثوقة يمكن التعامل معها. والنصيحة التي أقدمها للمستهلك هي أن يتخذ جميع الاحتياطات اللازمة لعملية الشراء، منها التأكد من مصداقية الموقع وحماية الجهاز ببرامج الحماية واستعمال بطاقات الائتمان المدفوعة مقدماً. وأضاف: تعد العقود التي تتم عبر شبكات الإنترنت ذات طابع دولي، لأن أطرافها ينتمون إلى دول مختلفة، لذلك ناقشت الاتفاقيات الدولية هذه المسألة وتوصلوا إلى أن النظام الذي يجب تطبيقه هو نظام إرادة المتعاقدين الذي اتفقا عليه عند عملية الشراء، شريطة أن لا يتبع ذلك حرمان المستهلك من الحماية التي توفرها الأحكام الآمرة لنظام الدولة التي بها محل إقامته. وقالالخبيرة يسرى المكينزي إن الإناث يشكلن أغلبية ساحقة من عملاء المتاجر الإلكترونية المحلية، مبينة بأن نسبة مشتريات الإناث في السعودية من مجمل مشتريات السعوديين من المتاجر الإلكترونية لا تقل عن 90%، لأن الإنترنت وفر لهم الكثير من الخدمات ومجالاً واسعاً من الاختيارات، وأسعار أقل بكثير من تلك الأسعار التي يجدونها في المجمعات التجارية، ففي خلال جلسة واحدة وأنت على كرسيك المريح، تستطيع أن تتصفح آلاف المنتجات حول العالم وبأسعار وعروض رائعة. وحول المشكلات التي يعيشها أصحاب المشاريع الناشئة قالت: قلة الخبرة في إدارة المشاريع الإلكترونية تعد المشكلة الأبرز، وذلك لأن التجارة الإلكترونية في المجمل هي تجارة ناشئة أصلاً حول العالم، فليست هناك أساليب وأسس واضحة، ولذلك سيحتاج أصحاب المشاريع الناشئة إلى الصبر والانفتاح على التعلم والتجربة حتى يطوروا من إمكانياتهم في قيادة هذه المشاريع، وهناك مشكلة انخفاض مستوى ثقة الناس للشراء في الإنترنت، فما زال الكثيرون يتخوفون من إجراء عمليات شراء في الإنترنت، ولكن هذا الأمر آخذ في التحسن بشكل ممتاز، فحجم الشراء الإلكتروني يتضاعف كل سنة في السعودية وحول العالم.