موقف بعد آخر يتأكد لنا أن اتحاد الكرة لا يدير نفسه ولا يتخذ قراراته وينفذ برامجه بصفته اتحاداً منتخباً ومستقلاً, ولا هو يملك شيئاً من القوة والنفوذ في عهد الأمراء فيصل بن فهد رحمه الله وسلطان بن فهد ونواف بن فيصل, الأمر الذي يجعلنا غير متفائلين بمستقبله تماشياً مع ما يجري على أرض الواقع، وعلى غير ما توقعناه منه وبأنه سيكون المنقذ والمطور للكرة السعودية بعد سنوات إخفاقها. في الموسم الماضي كان سيناريو وأسلوب ترشيح د حافظ المدلج لرئاسة الاتحاد الاسيوي من قبل الامير نواف بن فيصل وليس الاستاذ احمد عيد وما تلاه وترتب عليه امر غريب اثار ازعاج ومخاوف الرياضيين على الالية التي سيعمل بموجبها الاتحاد, وانه سيظل اسير التدخلات والضغوط الخارجية, كما ان هنالك مواقف اخرى تتعلق بالحكام وبقية اللجان والمنتخب، جميعها جسدت حقيقة عدم استقلاليته. وليت الامور توقفت عند هذا الحد بل تطورت إلى ما هو أسوأ, وتحديداً في موضوع حقوق النقل التلفزيوني الذي يُعد أهم مصدر دخل للاندية ولاتحاد الكرة نفسه, ففي الوقت الذي يكفل فيه الاتحاد الدولي (الفيفا) للاتحاد السعودي وأي اتحاد كرة منتخب حق تقرير مصير وكيفية وشروط ومعايير النقل التلفزيوني, نجده للاسف غير ذلك تماما, عندما استسلم لتوجهات وتعليمات جهات رسمية اخرى هي من فرضت عليه عدم السماح للقنوات الرياضية غير السعودية في المنافسة على حقوق نقل الدوري السعودي. إذا كان هذا يحدث من اتحاد الكرة في ابسط صلاحياته واهم قراراته واكثرها تأثيرا على ايراداته وعلى الكرة السعودية أندية ومنتخبات, فماذا نقول عن القرارات والقضايا غير المعلنة؟ ما مبرر طلب استضافة بطولة أمم اسيا, وكيف يتبنى الاتحاد هذه الفكرة الصعبة المعقدة المكلفة وهو -أي الاتحاد- يعاني من الديون ومن سوء الملاعب ومن مشاكل أخرى هيكلية وتنظيمية وفنية على مستوى الاتحاد نفسه، وكذلك تراجعه الفاضح في التصنيف العالمي وفي تردي نتائج المنتخبات بوجه عام؟ السعيد كشفهم بعد انتهائي من كتابة الفقرة السابقة اطلعت على خبر منشور في عدد الجزيرة يوم أمس الأول السبت ويتضمن استياء أعضاء الجمعية العمومية لاتحاد الكرة من تعميم الأمانة العامة المبني على قرار مجلس الاتحاد بتأجيل انعقاد الجمعية المحدد في الخامس والعشرين من سبتمبر الجاري بسبب ارتباطات رئيس الاتحاد وبعض أعضاء الاتحاد, وذلك لأن قرار التأجيل مخالف للنظام الأساسي للاتحاد ولا تتوافق مبرراته مع المواد التي لا تجيز التأجيل إلا في حالات الضرورة والظروف القاهرة. اللافت والمثير في هذا الخبر أن من اكتشف أن مبررات التأجيل مخالفة للأنظمة هو عضو الجمعية العمومية محمد السعيد, أي أن لا أعضاء مجلس إدارة الاتحاد ولا الأمانة العامة لديهم المام ومعرفة بمادة مهمة من النظام الأساسي للاتحاد, وهذا يقودنا الى قضية أخرى أكثر أهمية وهي أن اتحاد الكرة يسمح بتدخل أشخاص وجهات غير مرتبطين به تنظيميا واجرائيا، في حين يهمش ويطنش ولا يهتم بآراء ووجهات نظر الحلقة الأقوى الأساس والأهم وهي الجمعية العمومية. اتحاد الكرة بأسلوبه الاقصائي للجمعية العمومية لا يخالف الأنظمة الدولية فحسب، وانما يفوت على نفسه فرصة الاستفادة من خبرات وتجارب ومؤهلات جمعية تضم العديد من الأعضاء القريبين من هموم ومشاكل وأجواء الأندية, ولديهم المؤهلات والتخصص والقدرة على الاسهام في شرعنة وتقوية قرارات الاتحاد, فعلى سبيل المثال عضو الجمعية العمومية السعيد الذي اكتشف خطأ قرار الاتحاد هو لاعب سابق بفريق الطائي وحاصل على شهادة البكالوريوس في المجال الرياضي, ويرأس حالياً قسم التربية الرياضية في الادارة العامة للتربية والتعليم في منطقة حائل, وسبق أن نجح وتميز في إشرافه على بطولة (موبايلي) المدرسية التي قدمت عدداً غير قليل من النجوم الواعدين للكرة السعودية. غير السعيد أجزم أن هنالك أعضاء بارعين في مجالات أخرى ادارية وفنية وتقنية كنا نتمنى استثمارهم في أجهزة ولجان الاتحاد، وطالما أن هذا لم يحدث فمن المفترض أن يكون لهم صوت ودور خلال اجتماعات الجمعية في صناعة وصياغة القرارات الاستراتيجية للاتحاد، ومن بينها طلب استضافة أمم آسيا, وتسمية المسابقات المحلية, وحقوق النقل التلفزيوني, وغير ذلك من برامج وخطط وأفكار مفصلية. [email protected]