كلنا سمعنا بجوائز نوبل التي تُعطى كل سنة، وكانت تحيطها هالة من الهيبة والاحترام في السابق، أما اليوم فقد صارت تُعطى لكل من «هبَّ ودبَّ» كما يقال في العامية، فجائزة نوبل للسلام مثلاً أُعطِيَت أكثر من مرة لمجرمين، ففي التسعينات الميلادية مثلاً أُهديت جائزة «السلام» هذه – وما أكذب هذا المسمّى عليها - إلى الصهيونيَّين إسحاق رابين وشيمون بيريز، ورابين كان رئيس الوزراء في الدويلة الصهيونية واتّخذ سياسة تُسمّى سياسة «تكسير العظام» التي مقتضاها أن يقوم جنود جيش الاحتلال الصهيوني بضرب وتعذيب وتحطيم عظام أطفال فلسطينالمحتلة علناً، في محاولة (فاشلة) لبث الرعب في نفوس المسلمين ليتوقفوا عن مقاومة الجرائم اليهودية، وكان قبل هذا من جنود الإرهاب، فكان أحد قادة فرقة هاجانا اليهودية المسلحة التي انضم لها عام 1941م، وهذه الفرقة قامت على جرائم الحرب والإرهاب ليس ضد المسلمين فقط بل حتى ضد البريطانيين الذين كانوا يحتلون فلسطين وكانوا يعاونون اليهود حتى! وأما شيمون بيريز فكان خليفة رابين لما اغتاله يهودي عام 1995م ومنذ ذاك الوقت قَتَل بيريز الكثير من المسلمين في فلسطين ودعَم السفاح المعروف أريل شارون وساند حصار غزة. ورغم هذه التواريخ المخزية إلا أن هذين المجرمَين حصلا على جائزة نوبل «للسلام» عام 1994م! وغيرُ هذين فقد أُعطِيَت لمجرمين آخرين بذرائع هشة. ولو كان مؤسس هذه الجائزة حياً اليوم لانفجر غيظاً من هذا التعدي على اسمه وربْطِه بأهل الشر والإجرام. من هو مؤسس هذه الجائزة؟ إنه السويدي ألفريد نوبل، والذي اشتهر باكتشاف الديناميت عام 1867م، والذي صنع تغييراً كبيراً في حياة البشر بهذا الاكتشاف الذي استفاد منه نوبل مادياً، وهذا التغيير ليس إيجابياً بالضرورة بل هو سلبي أكثر، لأنه طُوِّرَ بعدها وحُوِّلَ إلى سلاح قتل أعداداً كبيرة من الناس منذ ذاك الوقت وإلى اليوم، وهذا أدى إلى حادثة طريفة كانت السبب في تأسيس جوائز نوبل، ففي عام 1888م كان لودفيغ نوبل –أخو ألفريد نوبل- في زيارة إلى مدينة كان الفرنسية وتوفي هناك، وفي اليوم التالي نشرت صحيفة فرنسية خبر الوفاة غير أنهم أخطؤوا وظنوا أن ألفريد هو المتوفي، فظهر الخبر في الصحيفة بعنوان: «تُوفّي تاجر الموت»، وأتى في النعي: «توفي أمس د. ألفريد نوبل، والذي صار ثرياً لمّا وجد وسائل تقتل البشر بطريقة أسرع من أي طريقة أخرى». لما قرأ ألفريد الخبر أزعجه هذا وأخذ يفكر، فقال لنفسه: يا ترى، هل هكذا سيتذكرني التاريخ بعد أن أموت؟ سيتذكرني كمخترع الديناميت الذي قتل البشر؟ وظل بعدها يفكر في طريقة ينفي بها عن اسمه السلبية التي أتت من اختراع الديناميت، وبعد سنوات عدة لما دنا أجَلُه أمر في وصيته أن تُستَخدم أغلب ثروته لتأسيس جوائز نوبل والتي تُعطى لمن يتميزون في علوم الفيزياء، والكيمياء، والطب، والأدب، والسلام. كانت ثروته التي تركها لهذا الهدف ضخمة وتتعدى 31 مليون كرونر سويدي وهو ما يعادل عام 2012م 472 مليون دولار أمريكي، وتَحقّق ما كان يرجوه هذا المخترع لفترة، حتى ذهبت الجوائز لمن لا يستحقها من أهل الإجرام، وهكذا تشوّه إرث الدكتور نوبل من جديد رغم كل جهده وماله! Twitter: @i_alammar