عذراً ألفريد نوبل: لن أكتب عبارات التوقير والاحترام , لا لأنك لا تستحق , بل لأن الحي أولى بها من الميت , ويكفيك فخراً أنك عالم مبدع , ومفكر جهبذ , ومخترع فذ , أعملت عقلك وسخرت علمك لتخترع " الديناميت " .ولكني لا أعلم هل كان يدور في خلدك أن اختراعك هذا في يوم من الأيام ستدمر به المدن والقرى ,ويُقتل به الأبرياء , وتسفك به الدماء , ويشرد به الأيتام الأبرياء , وترمل به النساء , وأنه سيستخدم في الصناعات الحربية المدمرة ليكون في أيدي الدول الظالمة ضد المسالمة , والغنية ضد الفقيرة , والكبيرة ضد الصغيرة , فإن كنت تعلم فعليك وزرها ووزر من يستخدمها في سحق الشعوب , وتدمير الممتلكات إلى يوم القيامة.وما أراك إلا قد أوقدت الشرارة الأولى وعهدت برعايتها لمن بعدك .وحتى لا أكون مجحفاً في حقك فلم أقرأ ولم أسمع أنك أوكلت تطوير اختراعك لدولة معينة أو لعالم معين , وهذا يعني أنه كان يحق للمسلمين أن يطوروا اختراعك ليطوعوه في الأغراض السلمية , أو للحماية من أعداء السلام ,ولكن الدول الإسلامية غفلت عن ذلك , وأوكلت أمرها لغيرها , فلا عذر لكسول , ولا حجة لنائم .عذراً ألفريد نوبل : قد نقل إلينا عبر أوراق التاريخ التي وصلتنا وهي تقطر دماً , فمن تفجير إلى تدمير , ومن أشلاء مبعثرة إلى جروح غائرة , حيث لم نعد نرى في تلك الرسالة التاريخية إلا وصيتك بجائزة للسلام تحمل اسمك تكفيراً عن اختراعك للديناميت.ولكن لعلك لا تعرف بل أكيد أنك لا تعرف أن جائزتك التي نتجت عن تأنيب الضمير وجلد الذات , قد فازوا بها أعداء السلام وليس دعاة السلام .على أيامك ليس هناك دولة تسمى " إسرائيل " ولكنها وجدت بفضل اختراعك , وهي عدوة السلام الأولى في هذه الأيام .فهل تعلم أن رئيس وزرائها " مناحيم بيغن " فاز بجائزتك للسلام عام 1978م ويده لا زالت ملطخة بدماء الأبرياء من الشعب الفلسطيني على أرض الإسراء والمعراج !!!.وهل تعلم أن رئيس وزراء إسرائيل كذلك " إسحاق رابين " و " شمعون بيريز "قد فازا بجائزتك عام 1994 وهما ألدا أعداء السلام . عذراً ألفريد نوبل : لا أخفيك سراً , لقد أصبحت أشك في مصداقية جائزتك للسلام إذ تجاوزت خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله تعالى .إن هناك فرق بين من يدعو للسلام للاستهلاك الإعلامي من أمام قصره المشيد , وحديقته الغناء , ولم يمض على تقلده منصبه كرئيس أعظم دولة في العالم إلا زمناً قليلاً , ومن بذل وقته وجهده في الدعوة للسلام يجوب الدنيا شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً من أجل حشد الجهود لغد مشرق يسوده السلام وتحكمه العدالة .إن الطير في السماء , والسمك في الماء , والعيس في البيداء , والجن في الصخرة الصماء , والرجال العقلاء , والمرأة في أدغال أفريقيا السوداء لتشهد بجهود ولاة الأمر في هذا الوطن العزيز منذ عهد الإمام المؤسس الملك عبد العزيز –رحمه الله – وإلى يومنا هذا . فمتى يعترف العالم بأنه قد حان الوقت لهذه الجائزة أن تربط أحزمتها لتطير في العاشر من ديسمبر من العاصمة النرويجية أوسلو ومن أمام معهد نوبل النرويجي وبتوقيع الهيئة المعينة من قبل البرلمان النرويجي لتعبر المحيط والخليج لتستقر في العاصمة الرياض , عاصمة السلام لرجل السلام . * المشرف التربوي بمحافظة الداير