يلتحق الموظف بالوظيفة وهو في عنفوان شبابه وصحته ويمضي السنوات الطويلة في أداء عمله، حتى انتهاء علاقته بالوظيفة التي غالبا ما تكون ببلوغه السن النظامية 60 عاماً، ويتطلع بعدها للراحة والاستقرار بعد الجهود التي بذلها وأخذت الكثير من وقته وصحته طيلة الأعوام التي قضاها في خدمة بلاده وأمته، ويخالجه شعور بالحصول على رد الجميل ومساعدته على أعباء وظروف الحياة.. فالموظف عند انتهاء خدماته ليس لديه سوى معاشه التقاعدي وهو مقابل ما استقطع من رواتبه بواقع 9% من راتبه الأساسي طوال فترة خدمته في الدولة ولا تضاف له العلاوات والمميزات الأخرى التي كانت مع الراتب وتتم معاملته على أساس راتبه المستحق عند التقاعد. وقد استبشر الكثير من الموظفين بموافقة مجلس الشورى في جلسته العادية الحادية عشرة بتاريخ 19-5-1434ه على تكليف لجنة الموارد البشرية بدراسة مقترح تعديل مكافأة نهاية الخدمة لموظفي الخدمة المدنية.. بتعديل المادة (53) من لائحة الحقوق والمزايا المالية لموظفي الخدمة المدنية لتصبح المكافأة: أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية بدلاً من المعمول به حالياً وهو تحديد المكافأة برواتب ستة أشهر للتقاعد النظامي وأربعة أشهر للتقاعد المبكر، وبالنظر إلى نظام المكافأة المتبع حالياً فهو لا يحقق مبدأ المساواة بين الموظفين، حيث يتساوى في صرف المكافأة من عمل 25 عاماً أو 40 عاماً فالمكافأة واحدة، كما أن الموظف المستقبل لا يستحق هذه المكافأة وفق اللائحة الحالية مهما كانت خدمته. إن نظام الخدمة المدنية الحالي يشمل ثلاث فئات وظيفية يصرف لها مكافأة نهاية الخدمة حسب سنوات الخدمة للموظف، وهذه الفئات هي: - العاملون وفق لائحة الوظائف التعليمية. - لائحة المتعاقدين غير السعوديين. - لائحة العاملين على بند الأجور. وهذه المكافأة لها مردود إيجابي لدى المتقاعد من حيث مراعاة أحواله المادية والمساهمة في حل الكثير من الأمور المتعلقة بالنواحي المترتبة عليه كتسديد القروض والديون والالتزامات الأخرى، فالظروف المعيشية والاقتصادية ليست كما كانت سابقاً، حيث إن معظم الموظفين لا يستطيعون التوفير من رواتبهم الشهرية أو توفير النزر اليسير نظراً لتغيّر أنماط الحياة المعيشية لدى أفراد المجتمع وما يترتب عليها من أعباء مالية. ونظراً لتعدد حالات انتهاء الخدمة حسب ما ورد في لوائح الخدمة المدنية، التي يتمثل أغلبها في: - بلوغ السن النظامية للموظف. - العجز الصحي عن العمل. - الاستقالة. - الوفاة. لذا فمن الأجدر أن يتم توحيد صرف المكافأة، بحيث تكون شاملة لكافة السلالم الوظيفية وبعدد السنوات التي قضاها الموظف في الخدمة وبغض النظر عن قيمة المكافأة لكل لائحة وظيفية بحسب ما تراه الجهة المعنية بدراسة هذه المكافأة حسب الآلية المشار إليها.. على أنه من الأفضل صرف راتب شهر عن كل سنة من الخدمة لمن تقل خدماته عن عشر سنوات. إن من أهم العوائق التي قد تكون أمام اللجنة المعنية بالدراسة هو النظر إلى التكلفة المالية لتعديل هذه المكافأة.. ولكن في ظل الظروف المالية والاقتصادية الجيدة التي تتمتع بها المملكة لن يكون هناك عائق -بإذن الله- أمام صرف هذه المكافأة.. لتفاوت أعداد المحالين على التقاعد سنوياً واختلاف رواتبهم ومستوياتهم الوظيفية، وأغلبهم في منتصف السلم الوظيفي.. كما أن صرف هذه المكافأة ليست من الالتزامات المتكررة، حيث تصرف للموظف بعد انتهاء خدماته لمرة واحدة ومن جهة عمله التي تقاعد منها، وعلى ميزانية الجهة التي يتبعها.. كما أنه يمكن إعادة تقييمها وتعديلها بحسب الظروف المالية مستقبلاً.. ولا شك أن صرف هذه المكافأة بعدد السنوات التي أمضاها الموظف في الخدمة هو ما يتفق مع منطق العدل والإنصاف.. وما يوازي الخدمة التي عملها.. بعكس ما هو متبع في صرف المكافأة الحالية.. والله من وراء القصد. - بريدة