معالي الوزير الأديب عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، وزير الثقافة والإعلام مع كامل احترامي ومحبتي... ما يجعلني أكتب لكم هو اهتمام وزارتكم بالثقافة والإعلام والفن والجماهير المهتمة والمتابعة لهذا الحراك الإنساني الذي يتفاعل مع الآخرين أخذاً وعطاءاً، وبصفتك معتلياً هرم هذه الوزارة التي ننظر لها دوماً بعين (الأمل)... سأحاول يا معالي الوزير التركيز في نقطة واحدة، ولن أحيد عنها، وهي مسلسلات التلفزيون السعودي وبرامجه في شهر رمضان المبارك. التلفزيون السعودي هو بيتنا (الحقيقي) ونجاحه يفرحنا، وما عدا ذلك يؤسفنا، وخريطة برامجه في رمضان الماضي كانت (جيدة)، لكن محتوى المسلسلات يجعلنا نعود في المربع الأول من (المراوحة)، وفي ذات النقاش الذي يتكرر بعد كل رمضان منذ سنوات طويلة. هذا النقاش السنوي يعطي دلالة على أن جمهور المثقفين والمهتمين والجمهور يريدون نقلة نوعية في محتوى (الدراما) الذي يتم تجسيده في (أبشع) صورة. هذه المسلسلات وكأنها نموذج جاهز يقدمه المنتج كل عام وما عليه سوى تعبئة بعض الفراغات ل (التحديث) فقط، ولن أحدثك عن ضعف النصوص والسيناريو ورخص الإنتاج من (المنتج المنفذ). يا معالي الوزير... لست أعرف منكم بوزارتكم ولا أخبركم كيف تديرونها، لكن هذا النزيف السنوي يؤلمنا كثيراً حين ينصرف المشاهدون عن القناة الأولى في كل رمضان بحثاً عن برامج ومسلسلات يجدون فيها رغبتهم. معالي الوزير: المسلسلات هي ذاكرة المجتمع، وهي صورة قد تكون غالباً طبق الأصل عن ثقافة المجتمع ومدى تطوره، وهي تتفاعل مع هذا الحراك بالسلب أو الإيجاب، كما أن النقد له أسلوبه وطرقه بعيداً عن تجسيد المواطن بأشكال غريبة و (تعيسة) بداعي الكوميديا، وكأننا نقول للآخرين: إن هذا هو واقع الإنسان السعودي. يا معالي الوزير: قناتنا الأولى ليست موجهة للسعوديين وحدهم، بل إن عشرات الملايين يشاهدونها في كل أرجاء المعمورة، وكم من زميل عربي سألني وسأل غيري.... هل هؤلاء هم السعوديون؟ معالي الوزير, وقد طرحت (بعضاً) من النقد.. هل تسمح لي بتجربة بعض الحلول؟ يقال إن تعميد المسلسل الواحد يبلغ عدة ملايين تقترب من العشرة، وأنا هنا لا أؤكد هذه المعلومة ولا أنفيها، بينما الإنتاج الحقيقي للمسلسل لم يتجاوز المليون ونصف المليون ريال كأقصى حد. لماذا لا يتم تفعيل دور اللجنة المخصصة باستقبال النصوص وإجازتها وتقدير قيمة إنتاجها ومراقبتها بعد التسليم. كيف... باختيار لجنة متخصصة في النصوص والسيناريو والإنتاج بكامل تفاصيله وهذه اللجنة (غير دائمة) ومحايدة، وتقرأ النص... كاملاً على أن تعلن نيتها استقبال الطلبات في موعد (محدد) يعلن في وسائل الإعلام. هذه اللجنة تعطي شروطاً وضوابط لهذه النصوص والتدقيق فيها والتمحيص، والتفاهم مع (المنتج المنفذ) على تعديل الملاحظات المنطقية والمهنية، وبعدها تضع المنتج أمام شروط (قاسية) وصارمة بالالتزام بما تم الاتفاق عليه من ملاحظات. حين يتم رصد ميزانية لهذا العمل لا تكون هذه الميزانية نهائية؛ سواء صرف ببذخ أو ببخل، ولكن هذه الميزانية (مشروطة) بالتقييم النهائي بعد تسليم الحلقات كاملة، وللجنة حق خصم المبلغ المتفق عليه، أو حتى رفض استلام المسلسل بكامله. عدا ذلك... تضع اللجنة شروطها بعدم تجسيد المواطن السعودي بشخصيات (مقززة)، وكذلك عدم إدخال بعض الجنسيات الأخرى العاملة في البلد في مشاهد تسيء لهم وإهانتهم بداعي الكوميديا. وحين نأتي على ذكر الكوميديا.. فقد أصبح كل الفنانين السعوديين يجيدون الكوميديا، ويريدون الوصول بأسهل الطرق عبر المسلسلات (المتصلة المنفصلة) ومحاولة استخفاف في الدم بطريقة (مرتجلة). معالي الوزير: أنت تحاول إمساك (الغصن) من النصف، فعينك اليمنى على الشارع بكل مكوناته وتفاصيله، وعينك الأخرى على رؤيتك وواقع تستطيع التعامل معه بكل حنكة وكياسة. معالي الوزير: في السعودية وحدها المئات من شركات الإنتاج الفني، لكن التلفزيون لا يتعامل سوى مع مجموعة شركات، حتى أن بعض الزملاء المنتجين أصابتهم لوثة (الإحباط) رغم أن لديهم مسلسلات تجسد الواقع السعودي بكل احترافية، ويمتزج فيها الترفيه مع الفائدة. لماذا لا يتم منع (مؤقت) لبعض شركات الإنتاج التي يثبت إخلالها بالعقود المبرمة مع هيئة التلفزيون؟ ليس المبرر سوى لتعديل وضعها مستقبلاً وإعطاء آخرين الفرصة حتى لا تتنافى فكرة المنتج المنفذ الحصري الذي يدور همسه في صوالين المثقفين والفنانين والمنتجين. ختاماً يا معالي الوزير: أحب كثيراً هذا الجهاز العظيم، ويهمني علو كعبه بين فضائيات العرب ويهمني سمعته، ويهمني زملائي من الفنانين والمثقفين والمنتجين بأن يكون مستواهم في تصاعد مستمر، بدل هذه (المراوحة) العجيبة.. أما أنت فلك تقدير خاص في نفسي... فأحببت أن أكتب لك هذا الكتاب. [email protected] twitter: @mohadqahtani