في كل صباح أصرخ بغضب بالخادمة: لا تضعي سكَّرًا أبدًا في قهوتي، وإنْ كنت مصرّة على السكر ضعيه جانباً. تهز الخادمة رأسها بهدؤ موافقة، وتنصرف. في كل يوم يحدث هذا منذ تعودت تناول قهوة الصباح في فراشي، لا أدري من أين جاءتني هذه العادة، فأنا أحب صنع أشيائي بنفسي، أحاول أن أعرف من أين لي هذه العادة الغريبة التي تلبستني فجأة، فأنا لم أتأثر بأي شخصية، قرأت أنها تحب تناول قهوتها في الفراش، ولا أذكر سوى حديث خادمتي الغريب، عن سيّدتها السابقة. والتي تشرب قهوتها بلا سكر. مكياج دخلت أختها عليها الغرفة، خارجة من غرفة الملابس وقد أنهت زينتها تماماً، ونظرت إليها باستغراب، لماذا لم تضعي مكياجك؟؟ قالت الأخت بارتباك: لماذا؟ لقد انتهيت من وضع زينتي! أعادت النظر إليها: هل تمزحين؟ لقد تأخرنا!! أهذا هو مكياجك!! ألقت عليها أختها بغضب حقيبة المكياج الصغيرة متسائلة بلهجة تأنيب -أنت لست في العشرين لكي لا تضعي مكياجاً؟ التقطت الحقيبة قبل أن تسقط وهي تضحك، فقد اعتادت مثل هذا الحوار في كل مناسبة. -انا أعتقد أكثر من ذلك يا عزيزتي. أنا أعتقد أنني جميلة كما أنا، وأكون أجمل هكذا بلا مكياج!! نظرت إليها الأخت يسخرية واستهجان:- يا لغرورك، ضعي شيئاً يخفي شحوبك، الحمدلله بس. - ألا ترين أنني جميلة هكذا! بل آلهة للجمال، مثلما لو كنت عند الإغريق او في زمنهم. إنني فقط أسمح لجمالي الباطن بأن يظهر ويتنفس. قاطعتها بعصبية: ما هذا التخريف والناس؟ -ما بهم الناس؟ -ماذا سيقولون؟ - ماذا سيقولون؟ وما همني أنا. - أيه ما همك سيقولون أشياء بشعة، لن يعجبك سماعها، سيربطون بين مظهرك وحياتك. - لا يهموني ولا يهمني ما يقولون. وتقدمت الأخت بعصبية وأمسكت بوجهها وهي تحاول تزيينه منهية الحوار.. بالضبط هكذا يفكر المجانين. رسالة واتس كان يوم الجمعة، ورغم أني لا أحب الرسائل الاستهلاكية، الجاهزة، لكنها أعجبتني، فأرسلتها لقوائم بعض المجودين في هاتفي، وبعد دقائق قليلة تتالى الرنين بشكل احتفالي بوصول رسائل أخرى، كانوا جميعاً يرددون ما جاء في رسالتي. وتحول فجأة هاتفي إلى غيمة بهية تنثر العبق، دمعت عيناي فرحاً وانتشاء بكل هذه الرسائل التي تقاطرت حبّاً، لمن بكى شوقاً لرؤيتنا. - اللهم صل وسلم على نبينا. -ألف الصلاة والسلام عليه.