عبدالله الصعب فنان ومصمم أزياء كويتي، وقعت صدفة على صور أعماله قبل فترة، التي قادتني للبحث أكثر حتى وصلت إلى موقعه الإلكتروني الذي يعرض فيه كلا من خط الأزياء التي يقوم بتصميمها وبيعها (عبر الموقع)، إضافة إلى مجموعة من أعمال التصوير الضوئي في أسلوب (مفاهيمي) مرتبط بأفكار مقتبسة مما يمكن أن نسميها (مشاكل) وتناقضات المجتمع. والصعب درس التصميم الداخلي مع تخصص ثانوي في مجال علم النفس، لذا تستطيع أن تفهم اهتمامه بالفنون من خلال مجال (ربحي) هو تصميم الأزياء، ومجال (ثقافي/ اجتماعي/ نفسي) في أعماله الفنية، وسبب حديثي اليوم عن هذا النموذج الكويتي في مجال الفنون هو محاولة تفسير ظاهر موجودة حاليا بين كثير من ممارسي الفنون البصرية في السعودية، الذين لم يدرسوا الفنون البصرية بشكل مباشر، أو لم يدرسوها على الإطلاق، والبعض منهم يمارس الفنون بشكل مباشر، بينما البعض الآخر يمارسها من منافذ مختلفة دون دراسةمتخصصة ومهنية في مجال المهنة. هذا الموضوع تحدثت عنه في مقالات سابقة، وبكل تأكيد سأتحدث وغيري عنه لسنوات عدة حتى يتغير الوضع لنكون مثل غيرنا من الدول التي تقوم بتدريس الفنون البصرية على أساس سليم. فأمثال الصعب وإن كانت أعماله مثيرة للاهتمام بل قد تبهر من يراها للمرة الأولى، إلا أن سبب انجذابنا لها ولأمثالها من أعمال الفنانين السعوديين هو الفكرة أكثر من التنفيذ، لأننا متعطشون لرؤية قضايانا (بصريا) مترجمة بلغة ثقافية رمزية (مفاهيمية) تتناغم مع الأسلوب التمثيلي للفنون المعاصرة الغربية التي نراها حين نزور معارض وقاعات الفن في أوروبا أو أمريكا أو حتى في الدول الشقيقة المجاورة. انبهارنا مرده ليس مستوى العمل بقدر ما هو مستوى تطور أعمالنا الفنية من منظور الفن المعاصر في الغرب! لذا أعتقد أن الفنان السعودي المعاصر الذي تُسلط عليه الرؤية (العالمية) واقع تحت تهديد! نعم... تهديد من أن يكون مستقبله بعد فترة قليلة مشابها لوضع فناني جيل (ما قبل) المعاصرة، الذين تعلموا في الخارج أو في الداخل تعليما فنيا، لكن مارسوا الفن ضمن إطار الفنون (الحديثة) لا المعاصرة التي لم يتقبلها نسبة كبيرة من المجتمع حتى اليوم. أتخيل الغد وقد نهض جيل -إن أمكن تسميته كذلك دون مراعاة للفترة الفعلية التي يقتضيها مفهوم الجيل- هذا الجيل القادم سيلتحق بالدراسة الأكاديمية، ولن يكون عليه ضغط من أيدلوجية أو رؤية معينة من المجتمع تجاه ممارسة الفنون، وسيكون مواكباللتغيرات المتسارعة في نمط نمو الفنون عالميا، سيكون معتزا بالهوية وليس ناسخا للفكر أو الأسلوب الغربي ومعبرا عن قضاياه هو لا القضايا التي يعتقد (الغربي) أنها مهمة، وسيكون تعبيره الفني ضمن ولمجتمع يتذوق هذه الفنون ويستثمر فيها دون وجود عقدة الأجنبي الذي يقيم له العمل الفني ويحدد اتجاه ذائقته أو استثماره فيها فنيا. فهل يشعر فنان اليوم بتهديد فنان المستقبل فعلا؟ أم لا حاجة له لمثل هذا الشعور؟ فقد تكون مجرد أمنية ننتظر أن تتحقق مثلما ننتظر غيرها من الأمنيات دون أن نتحرك لنساهم في تحقيقها؟ [email protected] twitter @Maha_alSenan **** Maha Alsenan Ph,D - أكاديمية وفنانة تشكيلية