عنوان مقالة اليوم هي ترجمة حرفية لعبارة مجازية في اللغة الإنجليزية «Elephant in the room» يقصد بها حقيقة أو مشكلة واضحة وكبيرة إما يتجاهلها الناس أو يحاولون تجاوزها دون وضع حلول، أو بمعنى آخر؛ مشكلة أو خطر قادم لا يريد أحد مناقشته! وهذا هو حال وضع الفنون البصرية في المملكة العربية السعودية في حال مقارنتها بدول الخليج العربي في رعاية الفنون، ودور القطاع العام تجاهها بكل أسف في ظل استمرار التعامل معها وفق منظوم لم يتغير بنفس السرعة التي يتغير فيها مجتمعنا من ناحية، أو وضع الفنون المعاصرة في عواصم الفن العالمية من ناحية أخرى. وأول مشكلة نستطيع وضع أصابعنا عليها هي مشكلة غياب متحف للفنون المعاصرة، خصوصا ودول الجوار أصبحت منصات لنشر الفن السعودي، بينما منظمات أجنبية هي التي تسعى لتنظيم عرض الأعمال الفنية السعودية في الخارج، بدعم في الغالب من مؤسسات سعودية (سعدت) بوجود جهة تتحمل عنهم عناء نشر الثقافة بأسلوب (معاصر)! سبب عودتي لهذا الموضوع وقد ناقشته عدة مرات في مقالات سابقة، هو مشاركتي الأسبوع الماضي في مؤتمر (البحث عن المملكة) الذي نظمه مركز الدراسات الشرقية في برلين بالتعاون مع برنامج الدراسات العليا في المجتمعات والثقافات الإسلامية في جامعة برلين الحرة، وضم عددا من الأوراق في مجالات ثقافية ودينية وسياسية واجتماعية، وكانت مشاركتي ضمن جلسة شاركت فيها أيضا د. يوكاكادوي الباحثة الزائرة في مركز الوليد بن طلال في جامعة أدنبره، تحدثت هي فيها (من منظور خارجي) عن الوضع العام في دول الخليج العربي، وقارنت بين التسارع في أبوظبي والدوحة ودبي، مقابل صمت وغموض في ما يحصل على أرض الواقع في داخل السعودية! في ذات الوقت الذي تعددت فيه العروض لأعمال السعوديين في بريطانيا على سبيل المثال. وجاءت ورقتي بعدها لمحاولة وضع (النقاط على الحروف) إذا صح التعبير في تفسير الحال من منظور (داخلي)، لتوضيح الفرق بين ثقافة المجتمع ومتطلبات السوق المحلية، والطلب المتزايد للعرض والبيع في الخارج، مقابل ضعف البنية التحتية لتأهيل الفنانين -إن صح لي التعبير- في الداخل، مما يجعل البحث مستمرا من قبل المؤسسات التي تسوق للعمل الفني السعودي في الخارج، لإيجاد فنانين سعوديين يعون متطلبات سوق الفن العالمي، ولكن بأعمال فنية (مختلفة) عن مستنسخات الغرب التي لا يزال البعض ينتجها محليا! لذا كان في مجموعة أعمال بعض الفنانين والفنانات الشباب في بينالي البندقية 55، مثل عبدالله العثمان، وإيمان الجبرين، و(شاويش)، وهبة عابد، وأحمد عنقاوي، نماذج مناسبة وغير موجهة سياسيا أو ايدولوجيا كما في أعمال أخرى تعرض في الخارج وفق هذا التوجه. ختاماً؛ لدينا أكثر من فيل كبير جدا في الغرفة، ولا تزال الجهات المعنية تتجاهل وجود هذه (الفيلة)، ولعل غياب متحف للفن الحديث والمعاصر، وبرامج دراسية متخصصة في الجامعات في مجالات ذات علاقة أهم (الفيلة) التي يجب أن نوجه الأنظار لها! [email protected] twitter @Maha_alSenan **** Maha Alsenan Ph,D - أكاديمية وفنانة تشكيلية