وعلى هذه الشروط - على نفسه - ساح.. فأطرق.. ثم نظر، ثم.. عبس وبسر وهو يخطو الهوينى بين أروقة ذا المكان، حتى بات وبعد تجشّم يُدهد بجسده ويدفع نفسهُ إليه دفعاً.. فبلغ مواضع الجلوس، حتى تناهى به اختياره إلى أريكة منزوية، وهو يناهد الأنفاس، نائياً عن الأعين، وكأن عليه من القوم حسيب. أسند قدماً على أُخرى، فيما.. عينهُ تجول بالمكان الذي لا يكاد يستبين له شكلاً ولا..، إذ غلب عليه العتمة.. إلا من أضواء تشعّ هكذا بلا وجهة لها..، أو دليل أو.. حتى تنويه يسبق! لاح.. بُعيد وقت وجيز الضوء كأنه مستقصد، أو.. قد أشاح من بُعد عن وجه صبوح، لكأَّنّ النور مُرمى على ذلك الفلق بين فينة وأخرى بلا (مصادفة). .. بل تكرر أكثر من مرة، وهذا ما حرّك شياء بدواخله، لكنه لم يشأ الاستعجال، بخاصة وقد أمدّه ذهنه بمثلٍ لطالما تداوله كبار النسوة (اللمحة ذبحة)!. لكنّ.. الشعاع حال ما وُجّه إلى ذيّاك العذوب أن كأنه فتق عن مكمن أخّاذ، أو مايز عن جاذبيةٍ أحالت ما سواه مُحاقاً، فأخذت من صاحبنا وقعاً آخر لها، كيف.. وقد ساعد تفرّسه مدى ما بلغه.. من وعي ذهنه - ذي الخبرة -، بل وقر لديه من أنها كذلك.. ترك مكانه بعد أن كاد لقلبه (العذر) وقد رهف وخفّ، ب (ولو) أن يرنو ليستملئ جمالها فحسب، ولا مرام أقصى من هذا.. لديه.. لكن ما أن بلغها من بعد جهد مضنٍ إلا.. والخجل قد أطبق عليه.. بخاصة وأن حواسه أجمعت أمرها إلى أنّ كل الأعين تكاد تخزّه، أو لكأنها تتتبعّ(4) وُجهت مساره.. المهم ما أن قاب قوسي مكانها إلا و.. أن ما ينتظره - كان- أبهر!، وقعٌ آخر جذبه لها، بل أطغاهُ بها أكثر: (قدٌّ) مياس، وشعر.. ليس بالغجري إنما.. أسود كثيف، وكالليل.. ملتفّ. فألهب بعضُ ذاكا مجامع قلبه، فكيف بأبعادها الأخرى، والتي ترمي بسهم يشقّ القلوب قبل الجلود.. أما.. مشاعره وخوفاً من الجزم أنها قد أهوت على مكامنه بريقاً كاد أن يتخشّب قِبل مرآها، فقد استعاضه بالتهوين على فؤاده.. أن هل أغرت أم أغوت؟ لأن عذوبتها باتت وحدها الفاعلة المتصرّفة، و(المتحكّمة) به، المسيطرة عليه.. لا، لا أستطيع أن أجزم أن سناها كان القائم - وحده- في مصدر جاذبيتها، فكل قد تجد ما تُعلل له، لكن المشاعر بالذات ما وراء (دواعي) الحب والكره.. منها تستطيع أن تمسك بعنان أشياء كثيرة فوحدها تلكم التي تحس أن لا سلطان عليها ولا سلطة لك حتى، على امتلاكها، لكن وبتعليل آخر حول (ما علقني بها).. أثري: أولاً: لا أجزم أن (سناها) هو كل دواعي انجذابي إليها، لكن ولا شك من أنه كان من بوادر تلك الدواعي، ثم.. لأنها كانت - بالفعل - تلهب.. فقد وقعت ولأني أعرف عن قلبي أنه ليس بخفيف يحف بأي أنثى سوى. أحور ساجي الطرف..! فما أنا ممن تأسره العيون الكحل والجفون البجلُ. ثم تالياً / لكأن القلب بعد عبوقٍ جواه من تياك وما أرخى تلك السدول عليه.. بعد انضواء شعاع بدر هاتيك من سماء قلبي! فيما لا أنسى عوامل أخرى ساعدن، ك أجواء الغربة.. التي يكون أي دفء بها، له - لديك- جمٌّ من التعليلات. كذلك القلب.. وكأنه أمسى بانتظار هلال شهر آخر، أقصد حبيب تالٍ.. تلاها، فكان نصيبٍ لها منه عندئذ، حتى أمست، بعدُ جوامعي مقرّنة بأصفاد حبها مُجمعة في سلاسل شغفها، ك (الرهينة).. إنما بلا قيود على معصميه، لأن قيود الهوى أشدّ وثاقاً. اقتربْ أكثر ليتُمتم لها، أحسّت به، ثم التفت وابتسامها تسبق تجاوبها! فحار.. واحتار دليله، مُسائلاً.. أين لُغتي، بل أين براعتي، أين بياني، وملكتي.. وما تحفظ من أشعاري؟! ثم احتار.. أن كيف يبدأ، فضلاً عن أن يسترسل، لكن رواح باح من تبسّطها أناب عنه.. بل حمل عنه عبء ما كان منه وجلاً، وقد أقامت ركن الحوار قبل أن يتبادله معها.. قلت آهٍ منكِ يا ملاكي، فردّت. مقلتاها، قبل أن يتمتم فُوها. *** 1 تُوضع بعض الألفاظ بين هلالين إما لمقصدٍ عناه الكاتب، وغالباً ما يتبيّن المتلُقي فحواه - بعد-، أو بعدا عن اللبس، كأن يكون الحرف الابتدائي من أصل اللفظة.. لا (واو) عطف - كما هي هُنا - 2 بل استكناه.. ما تجده بالآية وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى [الإسراء: 32] تجلية أكبر - إذ لم ينه عن الزنا، بل عن ما يقرب إليه ابتداءً! 3 ملحظ/.. لربما أطلت في استقصاء صراعه الداخلي، برغم قصر المساحة.. التي كانت بين نزوله من مركبته ودخوله المكان، لكن هذه المساحة الكبيرة.. في عرض ما جاشه.. هي بالضبط توازي.. ما قال المختصون حول: (عقل الإنسان.. والذي تمرّ عليه بالساعة الواحدة ما يقارب ثمانية آلاف فكرة) تصور!! 4 وللعلم، فقد تكون هذه.. هي اللفظة الوحيدة التي.. تأتي بها ثلاثة أحرف متشابهة.. (متتابعة)