قرأت في صحيفتكم الغراء بعددها رقم 14906 وتاريخ 12 رمضان 1434ه مقالاً للأستاذ إبراهيم بن سعد الماجد بعنوان: (الأحزاب.. إسفينٌ في جسد الوطن)، وقد أوضح بارك الله فيه ودلنا وإياه لكل خير بأن الانتساب للجماعات والأحزاب التي تُسمى إسلامية لا يجوز شرعاً، بل هو خلاف الإسلام الذي تدين به هذه الفرق والأحزاب، واستدل على ذلك بأقوال أهل العلم المعتبرين كالشيخ محمد بن صالح بن عثيمين والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز والشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمهم الله جميعاً - وأنا معه في ما ذهب إليه إلا أنه قد يظن البعض أن أخانا لا يرى الانتساب للسلفية والانتماء إليها، وأتفق مع الأستاذ إبراهيم بأنه لا يجوز أن تجعل السلفية حزباً بحيث تأتي طائفة من الناس تقول إنها سلفية وتقعد القواعد وتضع الأصول التي تخالف منهج السلف وتتحزب هذه الطائفة وتتكتل، فما وافق أصولهم فهو سلفي وما خالفها فليس بسلفي، وباعتقادي أن هذا هو ما يقصده أخي الأستاذ إبراهيم، وعن هذا يقول الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله -: (إذا كثرت الأحزاب في الأمة فلا تنتم إلى حزب، فقد ظهرت طوائف من قديم الزمان مثل الخوارج والمعتزلة والجهمية والرافضة، ثم ظهرت أخيراً إخوانيون وسلفيون وتبليغيون وما أشبه ذلك، فكل هذه الفرق أجعلها على اليسار وعليك بالأمام وهو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين، ولا شك أن الواجب على جميع المسلمين أن يكون مذهبهم مذهب السلف لا الانتماء إلى حزب معين يُسمى السلفيين) شرح الأربعين النووية 308 - 309. أما الانتساب إلى السلفية اللاحزبية والدعوة إليها وقول المسلم أنا سلفي فلا ينكره أحد من أئمة الإسلام قديماً وحديثاً وتفسيراً لكلام الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - المتقدم فقد قال - غفر الله له -: (السلفية هي اتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لأنهم سلفنا تقدموا علينا، فاتباعهم هو السلفية، وأما اتّخاذ السلفية كمنهج خاص ينفرد به الإنسان ويضلل من خالفه من المسلمين ولو كانوا على حقٍّ: فلا شك أن هذا خلاف السلفية، فالسلف كلهم يدعون إلى الإسلام والالتئام حول سنّة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يضللون من خالفهم عن تأويل، اللهم إلا في العقائد، فإنهم يرون من خالفهم فيها فهو ضال. لكن بعض من انتهج السلفية في عصرنا هذا صار يضلل كل من خالفه ولو كان الحق معه، واتخذها بعضهم منهجاً حزبياً كمنهج الأحزاب الأخرى التي تنتسب إلى الإسلام، وهذا هو الذي يُنكر ولا يُمكن إقراره - إلى أن قال - وأما السلفية التي هي اتباع منهج السلف عقيدة، وقولاً، وعملاً، واختلافاً، واتفاقاً، وتراحماً، وتوادّا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر»، فهذه هي السلفية الحقة».. لقاءات الباب المفتوح، السؤال رقم 1322. فالحق أن يقال أن تجعل السلفية حزباً على غير منهج السلف ويضلل من خالف هذا الحزب فهذا هو الذي لا يجوز، أما الدعوة للسلفية والانتساب إليها على منهج السلف الصالح فهذا الذي لا يجوز إنكاره قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقاً) الفتاوى 4-149. وجا في الفتوى رقم (1361) من فتاوى اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - (1-165): س: ما هي السلفية وما رأيكم فيها؟ ج: السلفية نسبة إلى السلف والسلف هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة الهدى من أهل القرون الثلاثة الأولى (رضي الله عنهم) الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير في قوله: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته) رواه الإمام أحمد في مسنده والبخاري ومسلم، والسلفيون جمع سلفي نسبة إلى السلف، وقد تقدم معناه وهم الذين ساروا على منهاج السلف من اتباع الكتاب والسنة والدعوة إليهما والعمل بهما فكانوا بذلك أهل السنة والجماعة، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم». قال الشيخ الألباني - رحمه الله -: (ولكن هناك من مدعي العلم من ينكر هذه النسبة زاعماً أن لا أصل لها! فيقول: لا يجوز للمسلم أن يقول: أنا سلفي: وكأنه يقول: لا يجوز أن يقول مسلم: أنا متبع للسلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وعبادة وسلوك، لا شك أن مثل هذا الإنكار، لو كان يعنيه، يلزم منه التبرؤ من الإسلام الصحيح الذي كان عليه سلفنا الصالح، وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم، كما يشير الحديث المتواتر الذي في الصحيحين وغيرهما عنه صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» مجلة الأصالة عدد 9 ص86-87 . وقال سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ - في كلمته بمناسبة افتتاح ندوة السلفية منهج شرعي ومطلب وطني -: «إن هذه السلفية الصالحة.. سمى العلماء هذه السلفية سموا المتبعين للكتاب والسنّة.. سموهم السلف الصالح وسموا منهجهم السلفية تمييزا لهذا المنهج عن المناهج الأخرى الظالمة المتخبطة في ضلالها والمنحرفة في سلوكها وأخلاقها». صحيفة الجزيرة عدد 14335 في 3 صفر 1433ه. وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله وأطال في عمره على طاعته -: (فليس العبرة بالدعوة.. العبرة بالحقيقة هذا يستدعي منا الاهتمام لمعرفة منهج السلف ودراسة منهج السلف في العقيدة والأخلاق والعمل في جميع مجالات منهج السلف فهو المنهج الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من اقتدى بهم وسار على منهجهم إلى أن تقوم الساعة قال صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي - هؤلاء هم السلف هم السلفيون - على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى») السلفية حقيقتها وسماتها من موقع الشيخ الرسمي. وهذا هو المنهج الذي قامت عليه هذه البلاد المباركة وأسس الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود على هذا الأساس دولته السلفية إذ قال الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله وغفر له - بكلمته التي ألقاها في افتتاح ندوة السلفية منهج شرعي ومطلب وطني: (كما تعلمون فإن السلفية الحقة.. هي المنهج الذي يستمد أحكامه من كتاب الله تعالى.. وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.. وهي بذلك تخرج عن كل ما ألصق بها من تهم.. أو تبناه بعض أدعياء اتباع المنهج السلفي.. وحسب ما هو معروف.. فإن هذه الدولة المباركة.. قامت على المنهج السلفي السوّي.. منذ تأسيسها على يد محمد بن سعود.. وتعاهده مع الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله - ولا تزال إلى يومنا هذا بفضل الله.. وهي تعتز بذلك.. وتدرك أن من يقدح في نهجها أو يثير الشبهات والتهم حوله.. فهو جاهل يستوجب بيان الحقيقة له). فنحن متفقون جميعاً بأنه لا يجوز جعل السلفية حزباً يُتحزب له وتُوضع له الأصول والقواعد التي تخالف منهج السلف الصالح ويوالي على ذلك الحزب ويُعادى عليه، أما اعتقاده حقيقة ولزومه صدقاً فهو الواجب على كل مسلم أن يفعله، وكتبت هذا التعقيب بياناً للحق وإزالة للبس، وفقنا الله وجميع المسلمين لما يحب ويرضى. إمام وخطيب جامع الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله - بمحافظة الخرج- [email protected]