يحكى أن نمرا ضخما قوياً كان قائدا لقطيع من النمور. وفي يوم من الأيام قرر أن يخرج للصيد في الغابة المجاورة، فجمع نموره وقال: علينا أيها النمور أن نخرج إلى الغابة المجاورة لنصطاد، فالطعام أوشك على النفاد. وأرجو أن تصحبني النمور اليافعة، لعلهم يتعلمون مني مهارات الصيد. فرحت النمور الصغيرة بذلك؛ لأن النمر الكبير نادرا ما أبدى اهتماما حقيقيا بتدريبهم على الصيد. وكانوا لا يؤدون عملا سوى حفظ النظام بين النمور المولودة حديثا. خرج الجميع إلى الغابة في ذلك اليوم شاهد النمر الكبير قطيعا من الفيلة، فنظر إلى النمر «سريع»، وكان صغير السن يتدفق حيوية وقوة، وقال: هذه فرصتك يا سريع، إنه تحد حقيقي...اهجم على القطيع وآتنا بما تيسر. فوجئ سريع بكلام قائده، إذ لم تكن لديه أدنى فكرة عن كيفية صيد أرنب فكيف بفيل ضخم الجثة! لكنه تمالك نفسه، وزأر زأرة عالية، واندفع نحو الفيلة التي تفرقت في كل مكان. عندئذ قال النمر الكبير: يبدو أن عليّ أن أقوم بالمهمة وكذلك فعل، فاصطاد فيلا كبيرا. وفي اليوم التالي أتى جمع النمور إلى قطيع من الجاموس كان يرتع في الغابة، وهنا قال النمر الكبير للنمر «نمور»:- نمور، لم لا تجرب حظك؟! اهجم، وآتنا بصيد سمين. عندئذ هجم نمور على أضخم جاموس في القطيع. ولكن الجاموس الضخم قذف به إلى الأرض وهرب، ولولا عناية الله لكان نمور في عداد الموتى، فزحف إلى جماعته منهك القوى، تسيل الدماء من جراحه. فصاح النمر الكبير غاضبا: إن هذا الشيء لا يطاق، ماذا دهاكم؟ ألا يوجد من يعتمد عليه في هذا الفريق؟ صاح أحد النمور الصغار قائلا: ولكنك لم تعلمنا قط كيف نصطاد! لم يكن لدى النمر الكبير وقت لإجابة هذا النمر المتفاصح، فتمتم بكلمات غضبى قائلا: ابقوا حيث أنتم، وسأقوم بالمهمة بنفسي، اشكروا الله لولا وجودي لمتم من الجوع وكذلك فعل دائماً وأتي بصيد سمين. واستمر على هذا الحال لوقت طويل وفي كل مرة.. تتحلق النمور حول النمر الكبير، مبدية إعجابها بمهارته وشجاعته فيتنهد النمر الكبير ويقول: يبدو أنه ليس بينكم من يتوفر لديه القدرات ليكون خليفتي، وآسف إذا قلت إنني نمر لا يمكن الاستغناء عنه. وفي أحد الأيام، وعندما وهن منه العظم، ونالت منه السنون، التقى بأسد صديق عرفه منذ سنوات، فتجاذبا أطراف الحديث: قال النمر: هل تصدق ياعزيزي الأسد، أنه رغم كبر سني فإنني أقوم بالصيد لجميع أتباعي، وإذا تركتهم تعم الفوضى بين القطيع، ويبدو أنه ليس ثمة نمر على شاكلتي بين النشء الجديد! فقال الأسد: الم تقم بتدريبهم على مهارات الصيد كما دربك أبوك! وتشجيعهم وتعطيهم الثقة حتى يستطيعوا أن يفعلوا ما تريده منهم فرد النمر: إنهم مجموعة من الفاشلين! وأنا ليس لدي الوقت لأضيعه عليهم فأمامي مهمات عظام. فأجاب الأسد: أمرك غريب، إنني وجدت أشبالي يتعلمون بسرعة وينفذون ما أطلبه منهم، بعضهم كان يصيب و بعضهم يخطئ. وهم الآن أصبحوا ماهرين، كل منهم يعرف واجبه وينفذه حتى عندما أكون غائبا.فقال النمر: إنني أغبطك، من المؤكد أنني كنت سأرتاح لو عرفت جيدا معنى القيادة! نهض الأسد فودعه النمر الكبير الذي قال متألما: «إنه لعبء ثقيل حقا أن تتصرف وكأنك القائد الذي لا يستغنى عنه»».