ربما يكون الأسد ملك الغابة. هذا ما قراناه وتعلمناه من الكتب ومن قصص الشجاعة والإقدام. لكنه في حقيقة الأمر هو أبعد من أن يكون ملكاً. إذ أن هذه اللقطة تكذب كل من قال بشجاعته فقد جفل كما تجفل النعامة وولي هارباً لا يلوي على شيء أمام هذا القطيع الهادر من أبقار الجاموس في متنزه كروغر الوطني بجنوب أفريقيا. أصبح الصياد طريدة حينما اجمع القطيع الذي كان يتربص به أمره وقرر في لحظة الفتك بمن يدعى "ملك الغابة" وذلك حينما كان يتربص للفتك بواحد من أفراده. ومن المعلوم أن الجاموس الأفريقي يمكن أن يصل وزنه إلى طن كامل وله قرنان قويان حتى أنه يقال أن طلقات البنادق ترتد حينما تصطدم بهما. ليس هذا وحسب بل تسود روح الجماعة بين أفراد القطيع الذي يهب هبة جاموس واحد حينما يستشعر الخطر يحدق بصغاره أو ضعافه. ويميل القطيع إلى تكوين دائرة للدفاع عن صغاره وكبار السن من أفراده حينما يواجهون خطر الحيوانات المفترسة. وقد رصدت من قبل حالات لجواميس تطارد أسوداً ألجأتها إلى تسلق الأشجار هرباً من القرون المشرعة. وقد استمر حصار الجواميس لهذه الأسود في أعلى الأشجار لأكثر من ساعتين. أما أشبال الأسود التي يرميها حظها العاثر في طريق الجاموس فالموت دهساً بأرجل قوية يكون في انتظارها ومصيرها. وكانت عدسة المصور الجنوب أفريقي ديف وولاكوت قد صورت ببراعة مظاهر الفزع على وجه الأسد وهو ينطلق هارباً يسابق الريح أمام الجواميس التي أطبقت عليه من الجانبين. وكان وولاكوت وهو مدير لمشروع من جوهانسبيرغ يسافر مع زوجته محتفلين بذكرى زواجهما الثالثة بعد الثلاثين حينما رصد مشهد الأسد المرعوب. "كانت الشمس تنحدر إلى المغيب والسماء ملبدة بالغيوم حينما قررنا العودة إلى ديارنا. فجأة بصرنا بقطيع من الجواميس في قاع نهر جاف وأسد يحاول مهاجمة القطيع من الضفة اليسرى للنهر". "لكن الكثرة تغلب الشجاعة كما يقولون فقد انقلبت الجواميس لتطارد الأسد وهو يولي الأدبار ومظاهر الفزع قد ارتسمت على وجهه حتى اختفى منها في الأدغال الكثيفة المحيطة بالنهر".