إن للكلام مع الآخرين آداباً تحسِّنه، وإليك منها: 1 - وزِّع نظراتك على المستمعين، ولا تخص أحدًا بذلك، ولا تسرع في كلامك حتى يُفهَم، وكرر ما احتاج إلى تكرار، ولا تتصيد أخطاء محدثك، وانظر إلى أجمل ما فيه، وتفهم حالة المتحدَّث إليه الزمانية والمكانية والنفسية؛ فإن كان مشغولاً أو مريضًا أو غضبان فأوجز في كلامك. 2 - من اللباقة في الحديث أن تنوع في حديثك بين الإخبار والسؤال، وذكر شيء عنك، وسؤال الآخر عن شيء يتعلق به دون أن يكون شخصيًّا خالصًا. 3 - ثق بحقك في إبداء عدم علمك بأحد المواضيع بقولك (لا أعلم)؛ فالأمر يسير، وهي مجرد محادثة، وليست منافسة على كرسي رئاسة! 4 - إن كنت في حوار فكن مستعدًّا لتقبل الرأي الصائب، ولا تتعصب لرأيك، وأعطِ مستمعك فرصة للرد والتعبير عن قناعاته، وابدأ في حديثك بنقاط الاتفاق بينك وبين محدثك حتى يتهيأ لقبول كلامك. 5 - إذا ذكر أحد المتحدثين قصة فلا تسبقه إلى ذكر نهايتها؛ فتربكه، وتفسد عليه متعة حديثه، وأظهِر إعجابك بها وإن كنتَ قد سمعتها من قبل. 6 - من جمال الشخصية أن يتقن المتحدث لغة العيون، وأن يكون قادرًا على التواصل المعبر بالعينين؛ فالتواصل البصري من أهم مهارات الذكاء الاجتماعي، وأفضل تواصل للعينين ما يتم بطريقة بلغة ودودة بلا حدة ولا صرامة مبتعدًا بين الفينة والفينة عن مرمى بصر محدثك أو النظر إلى أكتافه. 7 - إن كل ما تتكلم به يعبِّر عن شخصيتك ومعتقداتك؛ فاحرص على أن يكون كلامك خاليًا من العبارات الجارحة أو الغرور أو التباهي بنفسك. 8 - كن طبيعيًّا، ولا تتصنع في الحديث، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «هلك المتنطعون». 9 - كلما كان صوتك هادئًا رقيقًا كنت قريبًا من القلوب وحديثك خفيفًا على الأسماع، ومهما احتدت المناقشة فعليك ألا ترفع صوتك؛ لأن الصوت العالي لا يفرض رأيًا، ولا يقنع أحدًا، وهذه العادة سيئة في المحادثات والحوارات قد يلجأ إليها بعض الناس غير المتحضرين. 10 - إذا قابلت أصدقاء وكان معهم أشخاص لم يسبق التعرف عليهم فانتظر قبل المشاركة في الكلام حتى يتم تقديمك لهم. 11 - عند التحدث قد تخرج أشياء من الفم؛ فمن المفضل البعد قليلاً من المتحدث إليه؛ حتى لا يشعر بالضيق. 12 - أن تكون تعبيرات وجهك متسقة مع كلماتك؛ فلا تقل (نعم) لمن طلب منك خدمة وأنت مقطب الجبين، ولا تستجب لسماع مشكلة أحدهم وأنت تتأفف! 13 - أن تستخدم ضمير المتكلم فقل: «أنا أختلف معك في تفسيرك للقضية الفلاني»، ولا تقل: «أنت مخطئ في رأيك في الموضوع الفلاني!». 14 - من الجمال أن تكون مشجعًا محفزًا لمن حولك، ولا تكن سارقًا لأحلامهم محطمًا لأمنياتهم، وتذكر أن الكثير لا يملك سوى الأمل فلا تقتله فيه. 15 - احرص على أن تكون كلماتك معبّرة عن شخصك، لا أن تضعها موضع اليقين, فقل: «طعم العصير لا يعجبني»، ولا تقل: «العصير سيئ». 16 - إذا أكثر أحدهم من مقاطعتك فمن الذوق تنبيهه بعبارة: «عفوًا لم أنتهِ من كلامي/ ائذن لي أكمل فكرتي»! 17 - من الذوق أن تكرر ما قاله أحد الموجودين على سبيل الإعجاب والاستشهاد بكلامه. 18 - من الذوق إنزال الناس منازلهم، فلو قابلت شخصًا مشهورًا فليس من الحكمة أن تتجاهله أو تتصنع عدم معرفته، هذا إذا لم يكن متغطرسًا متكبرًا. 19 - من الذوق التأدب في الطلب مع الكرماء وعدم استغلال طيبتهم، وما أروع أن تستخدم عبارات: «هل تأذن لي بكذا؟/ هل يسمح لك وقتك بمرافقتي؟». 20 - من الذوق أن تذكر لمحدثك شيئًا مما تحدث به معك في لقاء سابق، وفيه دلالة على اهتمامك به. 21 - إذا كان الموضوع المتحدث عنه ليس في تخصصك - كالحديث مثلا عن طبقة الأوزون - وكان المتحدثون من أصحاب التخصص، فلا تتوقع أن يلخصوا لك ما تعلموه في سنوات في عشر دقائق؛ لذا فالخيار المطروح هو أن تصمت أو تنسحب. 22 - من الذوق أن تقول لمحدثك حال استحسانك حديثه أو على الأقل لم يزعجك: «واصِل فأنا مستمتع/ لقد شدتني جدًّا وجهة نظرك»! 23 - إذا رأيت صاحبك غاضبًا فارفع قلم المحاسبة عنه، واعلم أن الغضب قد هزمه، واستحوذ على لسانه، وجوارحه، فأعتِقه بلين الجانب، ولطيف القول، ولا تكن أنت والغضب على صاحبك، فإذا أفاق وانعتق من قيوده فلن يبقى في صدره سوى شكر فضلك وإحسانك إليه. 24 - حتى يكون الحديث عذبًا ومؤنسًا وأكثر جاذبية أقبِل على مستمعك بالنظرة المقدِّرة، والنبرة المعبرة، والبسمة المنعشة.. فقد كان صلى الله عليه وسلم - كما في شمائل الترمذي - «يعطي كل جلسائه نصيبه، لا يحسب جليسه أن أحدًا أكرم عليه منه».