على الأبواب مجدداً سوق عكاظ وفعاليته المتنوعة المرتبطة بالثقافة والفنون والهوية المحلية، واستعادة تراث وتاريخ ميز هذه المنطقة لمئات السنين، ولعل جائزة عكاظ التي موضوعها (الابتكار في الحرف التقليدية) من الجوائز التي يتطلع إليها فئة لم تعتد هذا الاهتمام في الماضي، خصوصاً بعد الطفرة التي جعلت الناس تهاجر من قراها إلى المدن بحثا عن الوظيفة المكتبية فترك الأبناء مهن الآباء وحرفهم لدرجة نكاد لا نراها إلا في مناسبات موسمية مثل مهرجان الجنادرية. والجائزة، تأتي بالتعاون مع برنامج (بارع) لدعم الحرف والصناعات التقليدية، وهو برنامج (وليد) من برامج الهيئة العامة للسياحة والآثار يتبنى هذه المهن لإحيائها كونها تحقق فوائد اقتصادية بتوفير منتج محلي يساهم أيضا في إيجاد فرص للعمل خارج نطاق الوظيفة الرسمية (المكتبية)، إضافة إلى دور هذه المهن في المحافظة على الهوية والتراث الذي تنبهنا مؤخراً (مؤسسات وأفراد) لأهميته وقيمته للتفرد في عصر العولمة. هذا الاتجاه نحو التراث مهم، بل ضروري لا لتأصيل الحرف والصناعات التقليدية فحسب ولا للمحافظة على تراثنا الثقافي فقط، وإنما لإعادة مفاهيم غابت أو ضعفت في مجتمعنا وضعفها كان أحد أسباب تأخر المحافظة على الصناعات التقليدية والحرف بشكل عام. من هذه المفاهيم (احترام العمل اليدوي)، مما أدى إلى إسقاط الفكر ذاته على ممارسة الفنون البصرية إلى حد كبير، حيث يرى البعض أنها مثلها مثل الحرف، عمل يدوي لا يحتاج إلى ذكاء أو فكر أو ابتكار، فيتجنبون ممارستها أو ينهون أبناءهم (الذكور تحديدا) عن امتهان مجال مرتبط. بينما نجد أن ممارسة الحرف والفنون في دول أخرى اليوم مهنة مرموقة، بل يزداد احترام المجتمع لصاحب العمل اليدوي حسب دخل الفرد منه وبناء على جودة المنتج وابتكاريته بطبيعة الحال. وهنا أعود لجائزة عكاظ للابتكار في الحرف التقليدية، أتوسم فيها الرغبة في إحياء الحرف، لا كما كانت، بل العمل على تطويرها بالابتكار والتجريب إضافة إلى العمل على تحسين جودة المنتج، لتصبح مجالاً حيوياً اقتصادياً، وبالتالي تساهم في رفع قيمة العمل اليدوي لدى المجتمع، لينتشر احترامه بين الناس، ومن ثم يتم (تقبل الفنون) كمجال ثقافي يعكس الهوية المحلية. [email protected] twitter @Maha_alSenan **** Maha Alsenan Ph,D - أكاديمية وفنانة تشكيلية