يختلف تعريف الحظ بين الناس، لكن هل هناك تعريف موضوعي موحّد له؟ لو لم يكن هناك تعريف فربما تجبرنا «جوان» على ذلك. الأمريكية المحظوظة جداً جوان غينثر، وهي امرأة في الثالثة والستين من عمرها، فازت أربع مرات باليانصيب! فازت بمبلغ خمسة ملايين دولار ونصف في البداية، وبعدها بعشر سنين قامرت وحصلت على مليونين، بعدها بسنتين جرّبت يانصيباً آخر وربحت فيه ثلاثة ملايين دولار، ثم في عام 2010م جربت حظها في رابع لعبة قمار لها وفازت بالجائزة الكبرى ذات العشرة ملايين دولار!. إن احتمالات أن يفوز الشخص مرة واحدة في ألعاب القمار معدومة تقريباً، فاحتمالات أن تفوز باليانصيب البريطاني الكبير هي 1 من 14 مليون، ويانصيب «باوربول» الأمريكي الذي تتشارك فيه 45 ولاية وتبلغ قيمة جائزته نصف مليار دولار لديك فيه فُرَص مضحكة في ضآلتها، فاحتمال أن تفوز بجائزة «باوربول» الكبرى هي 1 من 175223510، أي واحد من مئة وخمسة وسبعين مليوناً ومائتين وثلاثة وعشرين ألفاً وخمسمائة وعشرة!. لله الحمد أنّه حرّم هذه الوسائل الكاذبة التي تغرّر بالناس وتسرق أموالهم، ولكن الغربيون لا يمانعون من القمار طبعاً، رغم أنه من أسباب فقر وانتحار الكثير عندهم على مر السنين، إلا أن المحظوظة جوان المذكورة لم تكُن من البقية الذين خسروا أموالهم بلا طائل، بل هي التي أخْسَرَت محلات القمار بهذه الأرباح المذهلة، فقد رأينا الآن مدى شبه استحالة الفوز ولو مرة واحدة فقط في اليانصيب فكيف بأربع مرات؟ احتمالات أن يحدث هذا احتمالات فلكية في تناهيها، فقد حسب المختصّون هذه الفرص ووجدوا أن ما حصل لجوان تبلغ احتمالات أن يحصل للإنسان 1 من سبتليون، أي واحد وعلى يمينه 24 صفراً، وهو ما يعادل مليون مليون مليون مليون، وهو حدث لا يمكن أن يتكرر في تاريخ البشر إلا مرة في كل كوادرليون سنة، وهو ما يوازي واحداً وعلى يمينه 15 صفراً!. مستحيل! يا له من حظ! ما سرها يا ترى؟ هل فعلت شيئاً ليزيد حظها؟ إجابة للسؤال الذي في صدر المقالة فلا يوجد شيء اسمه «حظ» بالمعنى الشائع الذي بين الناس أي مصادفات طيبة تتكرر باستمرار لنفس الشخص، فهناك الكثير من العوامل التي تدخل في حياة الإنسان وتؤثر على الأحداث التي يتعرض لها، منها الأمور النفسية والبيئية والاجتماعية والكثير غير ذلك، أما في حالة جوان فكان مصدر «حظها» مختلفاً، فلما علمت محلات القمار أن لها تاريخاً يمتلئ بالفوز هبوا ودققوا في تاريخه، حتى كشفوا سر فوزها: لم يكن للحظ أي علاقة به، وإنما التعليم. اكتشفوا أن جوان خبيرة رياضيات وأستاذة في علم الإحصاء، ورغم أنها لم تعترف بأي شيء إلا أن المسؤولين يظنون أنها استخدمت خبرتها في الرياضيات لمعرفة الأرقام الرابحة واشترت التذاكر بناءً على هذا، أما أهل المدينة الصغيرة التي تعيش فيها جوان فيظنون هذا توفيقاً من الله لها. إن العلم قوة، حتى لو فسر البعض هذه القوة والتوفيق أنها حظ! Twitter: @i_alammar