مع موجة الغبار الكثيفة التي اجتاحتنا الأيام الماضية، تأكدت أننا (كائنات صحراوية) بامتياز، الله لا يضرنا ولا يغير علينا إلا بالخير، فرغم كمية العجاج، والسموم، والرياح المحملة بحبات الرمل، إلا أننا (صائمون صامدون) في وجه عوامل التعرية! في كل مرة كنت اضطر فيها للخروج من المنزل، أقوم بإزالة الغبار الذي علق بزجاج السيارة الأمامي، والتفت لليمين والشمال (لأتأكد) من عدم وجود أحد قبل أن أطبق (حركة الضب عند خروجه من جحره) بفتح فمي لأستنشق الهواء المغبر لا إرادياً، والحمد لله أن (أكل التراب) ليس من (مفطرات الصيام) لأنه جاء بغير قصد!. بكل تأكيد هناك مجموعة من السياح السعوديين، الذين فضلوا قضاء رمضان في أجواء مناخية باردة أو معتدلة، في مدن تخترقها الأنهار وتملؤها الخضرة، ولكن هؤلاء أيضاً ليسوا أفضل حالاً منا، لأنهم في الحقيقة (كائنات صحراوية) مثلنا، لا يمكن أن يتكيفوا مع الانهار والأشجار وظروفها المناخية، يكفيهم هم (التماسيح) التي تنشط في هذه الأشهر حول المنتجعات والبحيرات. أمس مثلاً نقلت الوكالات نبأ (التهام تمساح) لشاب يسبح في النيل، المشكلة أن التمساح أكل نصف الشاب، ولفظ نصفه الباقي، وقبله بأيام عدة تمساح يأكل طفلة في إندونيسيا، وفي أمريكا وأوربا قصص التماسيح تتواصل وهي مخيفة! نحن في (نعمة كبيرة) نعيش الغبار والحر بعيداً عن التماسيح، قبل نحو 3 سنوات ركبت قارباً خشبياً ضيقاً (له ما طور خلفي)، من أحد تلال مدينة (موباسا الكينية) المطلة على بحيرة (فيكتوريا) ثاني أكبر بحيرة استوائية في العالم، ولكوني (شاب قادم من الصحراء) كنت أتخيل أن هناك (تمساح) في الماء؟! كان يفترض أن نصل إلى الطرف الآخر حيث (أوغندا)، ومع أول موجه وقبل أن نبتعد عن اليابسة، بدأت أصرخ في وجه السائق والمصور: (قو باك بليز)، وأنا التفت يميناً وشمالاً خشية أن يقفز علي (التمساح)! طبعاً هم يضحكون ويقولون (دونت ووري سعودي، نو كُردايل هير)، وأنا أقول في خاطري «لو أنني جلبت معي (ضب) من الصمان، كان عرفتوا أين نعيش»؟!. وعلى دروب الخير نلتقي. [email protected] [email protected]