قد يكون مسمى (خلف خلاف) وهميًّا، وليس له في الواقع حقيقة، لكن سلوكه وصنيعه نراه يوميًّا في مختلف مناحي الحياة، وفي الرياضة تحديدًا، وغني عن القول: إن هذا المسمى يقصد به: ذاك الرَّجل الذي يقول خلاف ما يفعله. - فخلف خلاف لا ينفك يتحدَّث عن أهمية الاستقرار التدريبي لأيِّ فريق، ويشيد مثلاً بتجربة الشباب بالتوقيع مع برودوم لسنوات، لكنَّه مع أول خسارة للفريق نجده يُطالب بإقالة المدرِّب ويتحدث عن أن ضمان المدرِّب لبقائه هو سبب تردي حال الفريق. - وخلف خلاف ما زال في كلِّ ظهور له بأيِّ برنامج رياضي ينادي بمنح الفرصة للمدرِّبين الوطنيين، ثمَّ نراه أول المهاجمين لقدرات سامي الجابر التدريبيَّة حتَّى قبل أن يبدأ مهامه، إضافة إلى تهكمه على تجربة علي كميخ بتوقيعه مع الفيصلي الأردني. - وخلف خلاف أيضًا ممَّن كان ينادي بالتجديد في الفريق الاتحادي وعدم الركون للعناصر الكبيرة سنًا، لكننا شاهدناه أول من هاجم إدارة النمور في تخليها عن بعض اللاعبين الكبار، ولم ينس العزف على وتر الخبرة وحاجة الفريق إليها. - وخلف خلاف غمر بحبره كل عامود وبح صوته وهو يتحدَّث عن الاخفاق الهلالي نهاية الموسم المنصرم، فناقش المشكلة وأسبابها وسلّط الضوء على مكامن الخلل وكتب (وصفة) العلاج الزرقاء، في حين لم ينبس ببنت شفة للفريق الأهلاوي وهو يخرج خالي الوفاض على الرغم من الصرف المهول! - وخلف خلاف لم يترك رئيس النصر بحاله فاتهمه بالهامش لأعضاء الشرف، المتفرّد بالقرارات، في حين وجدناه يتجاهل ما قدمه الرَّجل من عمل ومال، ورأيناه يواصل الصَّمت عن عضو شرف آخر رأسماله الكلام، بل أحيانًا يغمره بالثناء والتمجيد وكل ذلك لعلاقتهما الشخصيَّة. - وخلف خلاف ينادي كُلَّما حانت له الفرصة بالحديث أو الكتابة، بأهمية إعطاء المدرِّبين الصلاحية الكاملة في اختيار اللاعبين الأجانب ومراكزهم لأنهم الأدرى بالحاجة الفنيَّة للفريق، لكن صاحبنا نجده أول المتهمين للمدرِّب بالسمسرة عندما لا ينجح لاعب ما، كما لا يسلم رئيس النادي من ملامته. - وخلف خلاف لا يترك سطرًا من مقال يكتبه، إلا ويصور نفسه بالمنافح عن النادي الذي لا هم له إلا مصلحة الكيان والحفاظ على مكتسباته وإرثه التاريخي، في حين نجد بقية سطوره وقد نزفت بالطعن في الإدارة والحديث بالسوء عن لاعبيه والتهميش لمنجزاته وبطولاته! - وخلف خلاف أكثر واحد يردد: الاختلاف في الرَّأي لا يفسد للود قضية، لكن تلك العبارة ليست سوى زائر ليل على لسانه، وحال مخالفته في الرَّأي نجده يُسَنّ سنانه، وكأن لسان حاله يقول: إما أن تكون معي وإلا فأنت ضدي، ولا أدري أين ذهبت عبارة: احترمُ النقاش، فإما أنّها فقط عند الموافقة وإلا فأبشر بِكلِّ ما يبعث للشقاق! أخيرًا، ما ذُكر أعلاه هو غيض من فيض لثلة في رياضتنا تصدق فيهم هذه التسمية (خلف خلاف)، فلا هم لهم إلا التنظير على الملأ، وفعل خلافه في الخفاء، وأولئك برأيي علينا أن نتأقلم على وجودهم، وعلينا بالوقت ذاته ألا نُشعرهم بوجودهم، ففي الأولى علينا التأقلم لأنهم قدر، وفي الثانية علينا تجاهلهم حتَّى لا نصاب بالقهر. ناصر حالة.. عالة أم ضالة؟! ربما استرسالاً لسطور مقالي أعلاه، وسيرًا بذات الاتجاه، فإني سأتحدث عن حالة ناصر الشمراني، قبل التوقيع معه عندما كان شبابيًا، وبعد انتقاله للفريق الهلالي، وستلحظون أن الأغلب: إما يحب بعنف أو يُهمّش فلا يرمق بطرف! - فناصر الشمراني كان مع اللَّيث عالة.. وحال التوقيع معه صار ضالة. - وناصر تحوّل من اللاعب الانفعالي العصبي.. إلى النَّجم الفذ النخبوي. - وتغير 180 درجة، من لاعب فقير الإمكانات.. إلى ترسانة مهارات. - وبعدما وُصف أنّه للبلنتيات هداف.. أصبح نجمًا يستحقُّ الهتاف. - وكثيرًا ما اتهموه سابقًا بأنَّه لاعب نادي.. ليتحوّل فجأة لنجم غير عادي. - وتكرَّرت على المسامع أسطوانة: إنه ليس لاعبًا منتخبًا.. في حين سمعنا مؤخرًا الحديث عن الشباك التي ستنتحب! - واتهموه أيضًا بغير المتعاون مع زملائه اللاعبين.. في حين أضحينا نسمع اليوم الحديث عن مجموعة زرقاء متناغمة من المهاجمين. - عجبي، وكل ما سبق أعلاه وناصر مع الشباب صال وجال.. في حين لم يركل بعد كرة مع الهلال! أرأيتم كيف يمكن أن تَتحوَّل الآراء وبسهولة، فقط لمجرد انتقال لاعب من نادٍ إلى نادٍ آخر، فكل عبارات التقليل سابقًا يمكن أن تصبح تمجيّدًا لأن اللاعب انتقل للنادي المفضل، والعكس صحيح، وبالمناسبة ما ينطبق على ناصر الشمراني، سمعناه بانتقال سعد الحارثي سابقًا، وذات الأمر تكرَّر مع حسين عبد الغني ومحمد نور والفريدي وكذا أسامة هوساوي، والقائمة تطول، وبالتالي فليس ناصر ظاهرة في الأمر، بل هو مُجرَّد حالة عابرة لذات الطقوس، والتعاطي مع الأمور بذات السلوك. الصقر القادم بعد قرب التوقيع مع اللاعب نايف هزازي والملقب بالصقر، أعتقد أنَّه بمفهوم الإدارة الشبابية بقيادة الأستاذ خالد البلطان لا مجال للتثاؤب أو البكاء على اللَّبن المسكوب، فبمجرد رحيل الزلزال تَمَّ استقطاب الصقر، بل إن إدارة الانتقالين سواءً بمغادرة الشمراني أو قدوم هزازي، يؤكِّد ما تتمتع به القيادة الشبابية من ذكاء ودراية واحترافية، وهو ما يجعل المشجّع الشبابي من الجماهير التي لا تضع يدها على قلبها في فترة الانتقالات، بل تثق بقدرة الرئيس في إدارة دفَّة النادي على الوجه الأكمل. تويتر: @sa3dals3ud