إن أكبر تعسف وظلم يمارس في مجال العمل والتوظيف في القطاع الخاص ما هو موجود في عقود التوظيف لدى الشركات والمؤسسات في نص إحدى مواد نظام العمل التي تقول «يجوز للشركة إنهاء هذا العقد في أي وقت تشاء، مع تسليم الموظف حقوقه ومكافآته»، بحيث أصبحت هذه المادة في العقد كالسيف المسلط على رقاب الموظفين والموظفات الذين يمكن أن ينقطع مصدر رزقهم وتشتت أسرهم ويضيع مستقبلهم بسبب هذه المادة الظالمة المغلفة بالنظام. كثير من الشباب السعودي الراغبين في العمل والباحثين عن مصدر رزق بعد اللف والتعب، يرغمون على التوقيع على مثل هذه العقود «التعسفية» التي تغلف بالنظام، أملا منهم بأن صاحب العمل أو مدير شؤون التوظيف «المتغطرس والمتعجرف» سيكون في قلبه مثقال ذرة من رحمة وإنسانية لتثبيت الموظف لكن من دون فائدة. إن الهيئات العمالية لتسوية الخلافات العمالية وأقسام القضايا العمالية في مكاتب العمل ووزارة العمل تضج بقضايا الفصل التعسفي التي تلجأ إليه الشركات والمؤسسات التي تستند إلى أن المادة في العقد المبرم بين الطرفين كانت واضحة وصريحة، وأن الشركة لم ترغم الموظف على التوقيع ولكنه قبل بالشرط عن قناعة ورضا، وبالتالي فهو يتحمل تبعات توقيعه، ويدرك تصرفاته وقراراته. في حين أن معظم قضايا الفصل التعسفي صدرت فيها أحكام وتعويضات جيدة للموظفين ضد الشركات، وهذا مؤشر على أن العملية غير صحيحة عند توقيع العقد في ظل وجود مثل تلك المواد الظالمة. ولو أن وزارة العمل واللجان العمالية الجديدة في الشركات، ركزت عملها وجهدها في قضايا العمال، واكتفت في جهودها الحالية بالسعي الجاد لإرغام الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص على إلغاء بند الفصل التعسفي الموجود في عقود التوظيف لكان هذا أكبر إنجاز يحسب لها. كما أن هناك مادة أخرى في العقود تم استغلالها بشكل سيئ من الشركات ضد الموظفين خاصة الشباب وحديثي التخرج منهم، وهي التي تنص على أن «يخضع الموظف لفترة تجريبية مدتها ثلاثة أشهر ويتم تقييمه بعدها، سواء بالتثبيت أو إنهاء الخدمة»، وكثير من الشباب والشابات اشتكوا من هذا الأمر، حيث يبذل الشاب كل طاقته وحماسه في تلك الفترة، ويقوم بنشاط كبير خاصة العاملين منهم في مجال تحصيل الديون مثلاً، ثم يفاجأ بأن الشركة أو المؤسسة أو «البنك» يقولون له «عفوا تم إنهاء خدماتك، والشركة ليست بحاجة إليك الآن، وسنتصل بك لو وجدنا لك شاغراً»، وطبعا يكون هذا الكلام مع ابتسامة صفراء من مدير التوظيف، سواء بسبب أن هذا الشاب أو الشابة لم يدخل مزاج المدير أو المسؤول، أو لأي سبب آخر، وبالتالي يكون الفصل التعسفي - وبالنظام - هو مصير الشاب السعودي. إن استمرار وبقاء هذه المادة في عقد التوظيف بالشركات والمؤسسات الخاصة فيه ظلم كبير لا يتلاءم مع حقوق العامل ولا حقوق الإنسان ولا حتى المشروع الإصلاحي أو التطويري، وهذا الأمر يستوجب تغييره من الشركات أو من السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية وحتى القضائية في هذه البلاد وبأسرع وقت ممكن. - شركة أرامكو السعودية الظهران