إن أعداء الأمة يسعون إلى كسر شوكة الأمة في لغتها، وهي الرابطة التي توثق صلتها بماضيها وتسهم في توحيدها لسانًا وفكراً وهدفًا وأملاً، والهجوم الشرس على اللغة العربية يفسره كونها قوام فكر وثقافة وعلاقة تاريخية، ولغة أم ووعاء دين هو الإسلام، وبها نزل القرآن وليست لغة كلام فقط! وهكذا تظاهر على هذه اللغة أقوام ينتمون إلى أمم شتى، ويمثلون مذاهب عديدة، وأعانهم عليها قوم آخرون، من بينهم بعض من ينتسبون إليها ويتكلمون بلسانها، والكل ينتقص من مكانتها، ويشكك في قدرتها، ويود لو ظلت في محبسها! أو قبعت في دارها لا تتجاوز علوم الشريعة! ولا تتخطى دائرة دروس اللغة في معاهد التعليم المخصصة، وما وراء ذلك فهو عليها حرام! وهي منه في مكان بعيد. فلا بد أن تقر أنه بسبب استهانتنا بذاتنا بدأنا نهمل لغتنا ولا نسعى إلى إصلاح ما فينا من ضعف فيها، وتركنا أمرها لمتشدقين أو عملاء لأعداء الأمة، فالعيب ليس عيب اللغة وإنما العيب عيب أهلها الذين ضعفوا واستكانوا وأهملوا شأنها، وأن أي لغة تقوى بقوة أهلها وتضعف بضعفهم وكل إناء ينضح بما فيه كما يقولون، فإن كان الإناء فارغاً فبما سينضح؟! أما عن الأمصال التي يجب أن تتحصن بها لغتنا ضد هذه الهجمات الشرسة فلا بد أن تنطلق من حقيقة مفادها عدم قدرة الأفراد على امتلاك مجموع لغتهم وأنه لا يمكن لأحد منهم الإحاطة به الإ وحيًا من الله! وهو ما يستدعي تنفيذ مشروع ضخم لاستقراء اللغة وجمعها من أفواه أهلها في البيئات المختلفة بما يحقق اطلاعًا وافيًا على إمكانيات العربية المعاصرة والاقتراب من الإلمام بها وهو ما يصب أيضًا في خانة تنميتها وإثراء متنها بثروة جديدة في المجالات المختلفة وهو ما نعني به دعم العربية بمعجمات جديدة تعبر عن مجموع اللغة ودلالاته قديمًا وحديثًا. وفي ظل هذه الحملات الشرسة على اللغة العربية وتعمد نشر اللغط فيها في المقامات الرسمية وغيرها، فقد غدا إنتاج معجمات جديدة ضرورة ملحة لأنها ستعين على إسماع اللغة السليمة لأبنائنا وقد يسهم في تمكينها بينهم وتوحيد ألسنتهم عليها. وأعتقد أن المكتبة اللغوية العربية تفتقر إلى إنجاز مجموعتين من المعاجم مجموعة تضم معجمًا للمفردات العامة ومعجم الأبنية العام، ومجموعة تضم معجم الألفاظ الدخيلة ومعجم الطفل اللغوي المعجم الناطق. [email protected]