كتب أحد الطلاب في دفتره مثالاً على قاعدة نحوية يدل دلالة قوية على المستوى المتدنِّي الذي وصل إليه أبناؤنا وبناتنا في اللغة العربية. والمثال الذي كتبه الطالب هو (شرشح الله عدوين المسلمين)!! انظر هذه الصيغة فاللفظ (شرشح) لفظ أخذ من عامية سوقية ساقطة ولم يكلف الطالب نفسه عناء البحث في فصاحته أو البديل الفصيح له.. وسأعود إلى هذا اللفظ بتعليق مهم، ثم لفظ (عدوين)، فقد أنجز الطالب جمع كلمة (عدو) على (عدوين) وما أغرب هذا الجمع وما أشد بعده عن النحو والفصاحة، وما أبعد كاتبه عن تطبيق ما تعلمه!! وكأن هذا الطالب لم يسمع كلمة (أعداء) ولم يقرأها في القرآن الكريم!! أما لماذا وكيف وصل الطالب إلى هذا المستوى فالجواب هو أن ما نراه هو نتيجة حتمية لطغيان العامية وجناية وسائل الإعلام.. فكثير من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة ساعدت.. بل عملت على إقصاء الفصحى وإبعاد الناس عنها بما تنشره من غث الكلام وسخف المشاهد وسوء الخطاب.. حتى صارت الفجوة بين ما يتعلمه أبناؤنا من قواعد اللغة العربية وبين لغة المنزل والمدرسة والإعلام كبيرة جداً!! أما كلمة شرشح فقد وهم أحد الكتاب حينما زعم أن لها أصلاً فصيحاً، حيث ذكر أن المعاجم اللغوية لا تذكرها ثم ذكر أن أحد المعاجم أورد ما يفهم منه أنها مرتبطة أو متفرعة من كلمة (شرح)، وذلك خلط واضح، فتصاريف كلمة (شرح) تعني الوضوح والبيان، فالشرح توضيح الغامض وبيان المبهم وتفسير الغريب.. أما كلمة (شرشح) في الاستعمال السوقي العامي فيقصد بها في الغالب: العتاب واللوم وبيان العيوب والمآخذ والانتصار على الخصم بسلاطة اللسان وبذاءته.. فما وجه القرب بين هذا وبين كلمة (شرح)؟!! وإذا عدنا إلى تلميذنا (النجيب) نجد أنه وبعاطفة (صادقة) يدعو على (الأعداء) أن يفضحهم الله ويذلهم ويهزمهم ويكشف عيوبهم.. ولكنه لضعف لغته وتدني تحصيله اللغوي عجز عن التعبير الصحيح فأورد كلمتين عاميتين أصلحه الله وزاده علماً وفقهاً. * عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية