فوز المرشح الإصلاحي حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية الإيرانية أمر متفق عليه من ذي قبل والسبب يعود إلى أن القيادات الإيرانية ممثلة بالمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي لاتريد عودة أحداث العام 2009 التي جاءت منددة لانتخاب أحمد نجاد المحسوب على التيار المحافظ لولاية ثانية خاصة وأن المنطقة العربية لاتزال تعيش مخاض التغيير المنوط بالربيع العربي، وأن البنية اللازمة لاندلاع ذلك موجود في إيران باعتبار أن البلد يعيش تحت وطأة اقتصادية قاسية بسب العقوبات المفروضة على إيران نتيجة لسياستها الغامضة والعدوانية في المنطقة. المتابع للساحة الإيرانية عقب إعلان فوز الإصلاحي حسن روحاني يجد أن الملايين التي خرجت إلى الشارع لكي تعبر عن مدى الرضى بهذه النتيجة يتضح لديه مدى الاحتقان الذي يعانية الشعب الإيراني بالإضافة إلى ذلك أن هذه الملايين التي خرجت هي بمثابة المقياس الحقيقي للقيادات الإيرانية لترى مدى النجاح الذي حققته من خلال الدفع بالتيار الإصلاحي إلى سدة الحكم ولما كان لهذا الاختيار بالغ الأثر في إنقاذ النظام الإيراني من غضب شعبي كاد أن يعصف بالنظام إذا تم الدفع بالتيار المحافظ لسدة الحكم في هذا الوقت. عند الحديث عن السياسة الداخلية نجد أن الرئيس الإصلاحي روحاني قد يعمل على إحداث إصلاحات داخلية تكون طفيفة بمعنى أنها لاترقى إلى المستوى المطلوب لكن قد تلعب دورا فاعلا في إنهاء ما تبقى من الاحتقان لدى الشعب الإيراني، أضف إلى ذلك أن أي إصلاحات داخلية لن تعمل ولم تأت للإيفاء بتطلعات الشعب الإيراني بقدر ما تأتي لكي تكون مكملة لخدعة الدفع بالتيار الإصلاحي من أجل الحفاظ على النظام الإيراني كضمان لعدم عودة الاحتقان الذي تم التنفيس عنه. أما عند الوصول إلى السياسة الخارجية الإيرانية فنجد أنها بمثابة الخط الأحمر يحظر على الرئيس الجديد الاقتراب منها؛ إذ إن السياسة الخارجية تدار من قبل المرشد الأعلى للجمهورية على خامنئي وما على الرئيس الجديد القيام به هو العمل على تنفيذ ما يكتب على مسودة العمل الرئاسي من قبل المرشد، والدليل على ذلك أن الرئيس حسن روحاني لم يأت بجديد في خضم حديثه عن السياسة الخارجية إذ لم يتطرق إلى التدخلات الإيرانية في شؤون دول الجوار أو الجزر الإماراتية المحتلة إذ ماتحدث عنه جاء كإثبات على إدارة المرشد للسياسة الخارجية عندما أكد على ضرورة بقاء الرئيس بشار الأسد حتى نهاية فترة ولايته وحق إيران في البرنامج النووي ورفض إيقاف تخصيب اليورانيوم. باختصار الانتخابات الرئاسية الإيرانية لم تأت لكي تعمل على إحداث تغيير بقدر ما تأتي مكملة للسنوات الماضية،، إذ إنها جاءت بوجه رئاسي كسابقه يدار من قبل المرشد الأعلى؛ ولذلك نجد أن إيران ليست بحاجة إلى انتخابات رئاسية بقدر ما هي بحاجة ماسة إلى تغيير حقيقي يأخذ على عاتقه تصحيح الأخطاء الحاصلة نتيجة للثورة الإيرانية التي أدت إلى قيام الجمهورية الإسلامية، الدولة الإيرانية بحاجة إلى ولادة نظام جديد تكون سلطات الدولة في يد الجهات ذات الاختصاص، وليست في أيدي جهات متعددة تعمل في الخفاء وفي طرق مختلفة وقبل كل شيء يجب أن لا تعتمد على الطائفية والعدوانية كعنصر أساسي لقيام الدولة وبقائها.