نسيج المجتمع اللبنانى يتكون من مجموعة من الطوائف يبلغ عددها 18 طائفة وربما أكثر، منها طوائف رئيسة مثل المسيحية والسنة والشيعة والدروز وأخرى صغيرة، وهناك أيضا مجموعات أخرى لا تنتمى لأي طائفة وإنما انتماؤها مرهون بمقتضيات المصلحة حيث تعمل بالتعاقد لتنفيذ مهام محددة مقابل مبالغ مالية مثل الخطف والتصفية والحماية الشخصية وحماية أفراد الأسرة وغيرها من الأعمال التي تعتمد على استخدام السلاح.. يبدو أن نشوة النصر من استعادة مدينة القصير السورية من قبضة الجيش الحر جعلت كلاً من حزب الله والنظام السوري يحشد العدد والعتاد لاقتحام مدينة حلب لاستعادتها من قبضة الجيش الحر على غرار مدينة القصير لتخيلهم إمكانية تحقيق انتصار طبق الأصل.. خلال شهر مايو 2012م في برقية بعث بها خادم الحرمين الشريفين إلى الرئيس ميشيل سليمان رئيس الدولة اللبنانية يشدد على النأي بلبنان عن الأزمة السورية ويحذر من شبح الحرب الأهلية على خلفية الاقتتال في طرابلس بين السنة والشيعة أو بين (مؤيد ومعارض للنظام السوري)، جاء فيها: .. ونظرا لخطورة الأزمة وإمكانية تشعبها لإحداث فتنة طائفية في لبنان، وإعادته -لا قدر الله- إلى شبح الحرب الأهلية، فإننا نتطلع إلى حكمة فخامتكم في محاولة التدخل لإنهاء الأزمة، وفي الإطار العام لمبادرتكم ورعايتكم للحوار الوطني اللبناني. وحرصكم على النأي بالساحة اللبنانية عن الصراعات الخارجية، وخصوصا الأزمة السورية المجاورة لها. في الداخل اللبنانى بدأت ترتفع أصوات البعض ومنها أصوات جماعات من الطائفة الشيعية تحتج على مشاركة حزب الله في الحرب السورية وتحذر من خطر استمرار المشاركة سيؤدي إلى انقسامات طائفية وسياسية بين مؤيد ومعارض ومحايد.. السيرة الذاتية للشعب اللبناني تشهد أن صوت السلاح إحدى اللغات التي قد تلجأ إليها أحد الطوائف لرفض الرأي الآخر، فجميع الطوائف تملك مخازن أسلحة، حدث ذلك مؤخراً أمام السفارة الإيرانية في بيروت بقيام حزب الله بمحاولة إسكات المحتجين بقتل أحدهم.. استخدام لغة السلاح لإسكات الآخر في لبنان إنذار عن بداية استيقاظ الفتنة الطائفية النائمة منذ نهاية الحرب الأهلية على خلفية اتفاق الطائف.. الجيش اللبنانى يمثل صورة عن النسيج الطائفي للمجتمع اللبناني الذي يبدو متماسكا حتى تاريخه، وعند ظهور بوادر انقسام طائفي في الجيش فتلك علامة عن بداية انهيار البنية المدنية في لبنان، عندها سيبدأ التحول التدريجي في صوت اللغة الرسمية من صوت الخطاب إلى صوت السلاح. الخلاصة لا يوجد دور مدني لحزب الله في مشاريع التنمية اللبنانية ويقتصر دور الحزب على تكديس السلاح التي يستلمها من إيران عن طريق النظام السوري لتنفيذ أجندة إيران.. مشاركة الحزب في معركة القصير ومن ثم استعداده لمعركة حلب أسباب كفيلة بإشعال الفتنة الطائفية داخل لبنان عن طريق تحويل المشهد في لبنان من مؤيد ومعارض للنظام السوري إلى مؤيد ومعارض لتدخل حزب الله في سوريا وهي خطة إيرانية تكشف عن مدى حاجة الحزب إلى إشعال حرب أهلية على الأرض اللبنانية في سبيل بقائه على قيد الحياة بعد أن تهاوى النظام السوري الداعم له.. أن الأصوات التي بدأت تعلو احتجاجا على مشاركة حزب الله في الحرب السورية تعكس تنامي الإدراك بين أفراد الشعب اللبناني ونفاد صبرهم من حقيقة الدور الذي يلعبه حزب الله في الحياة اللبنانية، فهل ستكون الحرب الأهلية عملية انتحارية لمشعلها؟ [email protected] Twitter@khalialheji