بعد مشروع التوحيد أصبح مشروع البناء والتأسيس لدولة فتية حاضر بقوة في ذهن المؤسس الملك عبدالعزيز، -رحمه الله- حيث أسّس مقومّات الدولة الحديثة على أرض كانت تمزّقها الصراعات، ويسيطر عليها الخوف، وتتلاطمها الولاءات الضيّقة، وتهدّدها الأطماع الخارجية الراغبة في السيطرة والهيمنة, حتى حوّل البطل الموحّد عبدالعزيز من كانوا يتقاتلون بالأمس، فيما بينهم، إلى جنود يقاتلون تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ فثبّت دعائم الوحدة، وأرسى الأمن في أرجاء الوطن، وبدأ مرحلة جديدة هي مرحلة بناء المؤسّسات وتطوير الدولة. والقطاع العسكري في الدولة أحد أهم لبنات البناء حيث أمر بإنشاء مكتب الجهاد والمجاهدين في عام 1368ه - 1948م فكان نواة لما سمي بالحرس الوطني. وفى عام 1374ه- 1954م نضجت الفكرة وأصبح مكتب الجهاد والمجاهدين مواكبا المرحلة التي تعيشها الدولة الحديثة فصدر أمر ملكي بتشكيل الحرس الوطني في جميع مناطق المملكة. برئاسة الأمير عبدالله بن فيصل الفرحان , وفي عام 1376ه - 1956م تولّى سموّ الأمير خالد بن سعود بن عبدالعزيز رئاسة الحرس الوطني، ثم تلاه سموّ الأمير سعد بن سعود بن عبدالعزيز حتى عام 1382ه -1962م. في نفس العام كان جهاز الحرس الوطني على موعد مع مهندسه الحقيقي وبانيه، حيث وضع الأمير عبدالله بن عبدالعزيز جل اهتمامه ونظره الثاقب وحلمه الطموح في جهاز الحرس الوطني بعد الأمر الملكي من الملك سعود الذي أمر بتعيينه رئيسا له. فوضع الأمير عبدالله كل ما لديه من رؤى مستقبلية لينقل الجهاز نقلة نوعية حيث استحدث كل ما فيه بتقنيات تلائم متطلبات العصر وأرسى بنى تحتية قويه عسكرية - صحية - تعليمية - ثقافية لجهاز عسكري. عام 1394ه- 1974م بدأت مرحلة جديدة، كانت نقلة أخرى للحرس الوطني، عندما بدأ برنامج تطويره؛ فمن خلاله أعيد تنظيم وحدات الحرس الوطني كافة. وقد بنيت خطة التطوير على مفهوم الأسلحة المشتركة، وبناء على هذا المفهوم، شُكِّلت كتائب الأسلحة المشتركة التي كانت النواة لأولية المشاة الآلية التي تتمتع بالعديد من الخصائص والقدرات القتالية العالية. كما تمّ تشكيل العديد من وحدات الأمن الخاصة، ووحدات الإسناد مثل الهندسة، والإمداد والتموين، والاتّصالات، ووحدات الإسناد الطبّيّ، وجاءت الخطط الطموحة، الطويلة منها والقصيرة، متوافقة مع فلسفته القيادية، حيث أعيد تشكيل الحرس الوطني العسكري ليصبح أكثر قدرة ومرونة على تحقيق تلك الطموحات وذلك وفق أربعة مسارات. أولها: توضيح الفكر الموجه للحرس الوطني والقائم على مبادئ العقيدة الإسلامية السمحة. والثاني: إعادة التنظيم الشامل المستمر عموديا وأفقيا. الثالث: بناء القوة العسكرية الحديثة. الرابع: تأكيد الدور الاجتماعي والحضاري للحرس الوطني. الأمر الملكي الذي أمر بتحويل رئاسة الحرس الوطني إلى وزارة، هو المرحلة ليست الأخيرة في مراحل تطويره ويعتبر أحد أهم القرارات الإستراتيجية العسكرية للمملكة في عهد خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فقد بات واضحاً تعزيز الدور العسكري للمملكة العربية السعودية بحكم ثقلها السياسي والديني والاقتصادي وبالتالي الذي اكسبها هذا الدور العظيم لتصبح أحد أهم الدول، وقرار تعيين الأمير متعب بن عبدالله كأول وزير لوزارة الحرس الوطني يزيدها ثقلاً وقوة لأنه أحد أبناء مدارسها الذين تدرجوا في مناصبها. والله الموفق،، [email protected] @turkialmouh