شهد ولا زال المشهد التجاري او مشهد قطاع الاعمال العديد من التغيرات الغير مسبوقة في تعاطي التشريعات الحكومية مع ذلك المشهد خصوصا وان تلك المتغيرات تأتي في نطاق زمني متطابق مما يعطي قراءة بأن تلك التحركات التصحيحية الاصلاحية هي تحركات استراتيجية وتأتي ضمن توجه حكومي تاريخي لغربلة قطاع الاعمال بما يخدم اهداف تساهم بالارتقاء بالعمل التجاري في المملكة وكذلك تفتح الفرص امام فرص تجارية ووظيفية امام شباب الوطن، ولعل هذا التوجه يأتي بعد سنوات طويلة من غياب التشريع الحقيقي المتوازن بين قطاعات حكومية متعددة. التشريعات والحملات الحكومية من القطاعات ذات العلاقة بالمشهد التجاري كانت الحديث والشغل الشاغل للجميع في المملكة بجميع اطيافهم، ولعل التشريعات التي بدأتها وزارة العمل لتنظيم سوق العمل ومن ثم الحملات التصحيحية للعمالة الوافدة وبعدها او معها بدأت حملة وزارة التجارة لتصحيح بعض الممارسات التجارية لقطاعات محددة في الاقتصاد من ناحية حماية المستهلك وتشجيع العمل الوطني، كذلك الحملة التي تقوم بها امانات المدن الرئيسة على بعض القطاعات، وآخرا وليس اخيرا ذلك التوجه الحكومي هو ما تقوم به الهيئة العامة للاستثمار من تصحيح لبعض ممارسات الاستثمار الاجنبي في المملكة. جميع تلك الجهود تعطي الانطباع بأن ما ذكر هو توجه دولة وليس توجه قطاعات معينة. الحديث عن الالم الذي يعانيه القطاع الخاص من تلك الاجراءات هو الثمن الذي يجب ان يساهم به القطاع الخاص في سبيل صناعة مستقبل افضل للوطن وللمواطن، ولعل من المفرح ان تجد هذا الحديث يصدر من رجال الاعمال السعوديين، وهو ما لمسته شخصيا خلال احاديث كثيرة من العديد من الاصدقاء في القطاع الخاص, فهم رغم تذمرهم وشكواهم من قسوة الاجراءات وتأثيرها على ربحية وانتاجية وكفاءة مؤسساتهم، الا انهم كثيرا ما يختمون حديثهم بأمنية ان تحقق تلك الحملات اهدافها الاكبر بما يخدم الوطن والمواطن. واعتقد شخصيا ان احد اسباب تفهم القطاع الخاص لتلك الحملات هو النتائج التي اظهرتها الحملات الاولية من الاضرار التي يتكبدها الاقتصاد الوطني من غياب التشريعات الحقيقية والحملات الجادة لرفع جودة العمل التجاري في المملكة وخصوصا الاستهلاكي الذي دفع وسيدفع ثمنه الوطن والمواطن اذا استمرت الاوضاع على ما كانت عليه، ولعل ارقام وزارة العمل فيما يخص تصحيح اوضاع العمالة المخالفة ونتائج حملات وزارة التجارة والامانات تعطي بعض الاطمئنان بأن المستقبل التجاري سيكون اكثر تفاؤلا ويحمل قيمة مضافة على جميع مستويات الوطن. ولعل الامل الاهم في هذا الجانب هو ان يكون توجه الاصلاح الاقتصادي التجاري عملا مؤسسيا مستداما وليس جهود وزراء محددين تنتهي الطموحات بخروجهم من مقاعدهم. [email protected]