لا حديث يعلو هذه الأيام على حديث الحملة المشتركة بين وزارة العمل ووزارة الداخلية لتصحيح أوضاع الملايين من العمالة الوافدة سواء العمالة المخالفة لنظام الإقامة أو المخالفة لنظام العمل، ولعل الأسابيع الماضية شهدت تحركا حقيقيا ولا أبالغ إذا قلت إنها من الحملات التاريخية التي نشهد فيها تناغما وتعاونا وتنسيقا بين قطاعات حكومية لتحقيق هدف مشترك أمنيا واقتصاديا واجتماعيا. ولعل قرار خادم الحرمين الشريفين بإعطاء مهلة للجميع لتحسين الأوضاع هو فرصة حقيقة لتدارك الأوضاع وتقليل الخسائر الاقتصادية على أصحاب الأعمال ونفس الوقت فتح مجال أرحب للعمالة المخالفة لتصحيح الأوضاع والعمل بنظامية في منظومة الاقتصاد الذي رغم قوته يعاني من البطالة ويعاني من نقص في دورة النقد بسبب التحويلات الأجنبية. وبالنظر اقتصاديا إلى تلك الحملة فإن الأمل أن يكون هناك تحول في قطاع الأعمال خصوصا المتستر منه لفتح آفاق أكبر للشباب السعودي في اقتناص فرص استثمارية صغيرة تساعدهم وتساعد الاقتصاد في تخطي بعض التحديات، ولنا في ما نشاهد في حياتنا اليومية مثال، فعدد المحلات التجارية الاستهلاكية مثلا، فلا أظن أن هناك بلد في العالم يوجد به عدد محلات المواد الغذائية أو الصيدليات الموجود في المملكة وخصوصا في المدن الرئيسية، وإذا افترضنا أن كل حي سكني يكفيه 5 محلات مواد غذائية فإن العدد الموجود أكثر بمائة مرة لدرجة أن هذا النشاط لا يحمل الربحية المناسبة للشاب السعودي للعمل به وخوض غمار التجارة بنسب مخاطرة مالية وتنافسية أقل، وأعتقد أن هذه الحملة قد تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على عدد المحلات ومن ثم تقنين ذلك العمل مما قد يفتح مجالا مهما للشباب للدخول في بعض النشاطات. كذلك فإن الحملة بلا شك ستضيف فرصة وظيفية أكبر من السابق وتصبح فرص سعودة الوظائف أقرب من أي وقت مضى. لا شك أن الخيارات صعبة وقد يكون فيها بعض الآثار السلبية المرحلية، ولكن الأمل كبير بأن النتيجة النهائية بالنظر إلى الصورة الأكبر سيكون إيجابيا على المدى الطويل. [email protected]