لا أهمية تذكر لأمين عام الحزب؛ فهو ليس إلا أداة مسخرة لملالي قم؛ فلم يكن صبحي الطفيلي بأهم من عباس موسوي، ولا يزيد حسن نصر الله تلميذ النجف البار والخادم المطيع لحوزات قم شيئاً في قيمته أو مقداره عن سابقيه؛ إلا بما يقدمه من خدمات جليلة للمخطط الإيراني الكبير في الهيمنة على المنطقة العربية كلها من الزيتونة مروراً بطرابلس إلى قاهرة المعز وانعطافاً على اليمن ومكة والمدينة وبلاد الشام التي وضعت العصابة النصيرية ممثلة في حافظ أسد أول ركائز هذا الحلم الطوبائي من خلال ما أسماه بثورة التصحيح عام 1971م بتنسيق مع الخميني آنذاك وهو يمارس التحشيد وتجميع الأنصار وإثارة العامة في إيران والعراق على النظامين الشاهنشاهي والبعثي، أهمية العرب المنتمين إلى الطائفة تكبر بقدر عبوديتهم وركوعهم وتذللهم وتفانيهم في خدمة الزعيم الفارسي الذي يدعي أنه يحمي حمى آل البيت المفترى عليهم! وقد اشتغل مفكرو الفرس على تثبيت نظرية الولاء لآل البيت والبراء ممن عاداهم على مر التاريخ، واستعادة الفترات المأساوية واستنساخ آلامها لإثارة العامة وتهييج عواطفهم، ولكن كيف يمكن أن يقبل من يطلع ويقرأ التاريخ ويرى نتاج الحضارات المعاصرة ويتأمل في مكامن القوة في الأمم ذلك؛ كيف يغيب المنتمون إلى الطائفة عقولهم ويتناسون زمنهم ثم يعودون إلى أحداث ما قبل ألف وأربعمائة عام ليتباكوا عليها ويشقوا الجيوب ويشجوا الرؤوس بالسواطير؟! كيف يؤمن مثقف واع مطلع بحكايات السراديب والغياب والظهور وفرج كرب المختفين؟! ألا يكشف هذا التغييب للعقل أن سلطة سياسية خفية تدبر ألاعيبها وتحيك مؤامراتها منذ القدم للوصول إلى أهدافها في إسقاط وهدم الوجود العربي ومحو الدين الإسلامي؛ ذلك هو العقل الفارسي الذي اشتغل على إيقاع هذا الوتر وإيقاد الفتن حوله منذ الخليفة الرابع علي رضي الله عنه، واغتيال الخليفة الثاني عمر رضي الله عنه، ولم يكن إظهار التشيع والاحتماء به الوسيلة الوحيدة لتحقيق الغايات اللئيمة؛ بل سلك الفرس لإسقاط الدولة الإسلامية سبلا شتى؛ فاشتغلوا على إفساد العقيدة من خلال التجديف وإنماء ظاهرة الإلحاد، كابن الراوندي وقرمط وإحياء فكر الزرادشتية والمانوية، والمؤامرات السياسية كما فعل البرامكة، والتصفيات الدموية الطائفية كما فعل الصفويون، وتمييع الشخصية العربية أخلاقياً واحتقار الموروث العربي وتقميئه والزراية به والإقذاع في هجائه كما فعلت الحركة الشعوبية في العصور العباسية، وكما تفعل الثقافة الإيرانية المتطرفة الآن من خلال أدبياتها المختلفة! وقيام دولة «حزب الله» بقضه وقضيضه وميزانيته التي تفوق ميزانية الدولة الأصل وجيشه وطائراته ودباباته وصواريخه بعيدة وقصيرة المدى على أنقاض دويلة « لبنان» ليس عبثا ولا هو محض صدفة ولم يأت اجتهاداً فردياً من تعاطف لبنانيين منتمين إلى التشيع مع إخوانهم في المذهب في إيران؛ لا، بل إن تكوين الحزب تم بتواطؤ وتخطيط مشترك بين القيادتين الإيرانية والسورية عام 1982م بعد نجاح ثورة الخميني، متكئين على الوضع الملتهب في فلسطين وجنوب لبنان جراء العدوان الإسرائيلي ومتخذين إياه وسيلة لادعاء المقاومة وتحرير الأرض والدفاع عن قضايا العرب والمسلمين! بينما أثبتت الأحداث المؤلمة أن يد النظام النصيري السوري ملوثة بدماء الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا، وأن تنسيقا مشتركا تم بين الكتائب المسيحية وقوات حافظ أسد وإسرائيل لتدمير المخيمات الفلسطينية وإبادة سكانها وتهجيرهم، وأن منظمة أمل التي انشق عنا حزب الله كانت مشاركة في كثير من المجازر والأعمال الإرهابية، وأن حزب الله المقاوم تركت له إسرائيل فرصة تمثيل دور البطولة بانسحابها من الجنوب؛ وذلك قصداً منها ليصدق الشعب العربي ما سيقوم به الحزب لاحقا من أدوار دموية قذرة تمكن للوجود الفارسي وتؤمن بقاء إسرائيل؛ كما يحدث الآن في سوريا، سواء في القصير أو ما سنراه غدا في حلب أو حماة أو كل سوريا وغير سوريا! لا عاشت دولة حزب الله ولا أمد الله في عمر فخامة أمينه غير الأمين! [email protected] mALowein@