المبادرة التي قدمها رئيس الائتلاف الوطني السوري المستقيل معاذ الخطيب والتي تتضمن عدة بنود من أهمها الخروج الآمن للرئيس السوري بشار الأسد ونقل سلمي للسلطة وتسليم الصلاحيات كاملة إلى نائب الرئيس فاروق الشرع أو رئيس الوزراء الحالي السيد وائل الحلقي، نجد أنها تأتي ليس لأن تعمل على أنهاء الأزمة السورية بأقل خسارة بقدر ما تأتي لتعمل على حماية الأراضي السورية والمنطقة من خطر قادم يأتي نتيجة لمشروع التسلح الذي قد يقع في أيدي الجماعات الجهادية التي لن تستخدم السلاح ضد النظام السوري بقدر ما تستخدمه ضد المنطقة بأكملها، أضف إلى ذلك أن مشروع التسليح اذا تم إحكامه بضوابط فإن تداعيات ذلك ستؤثر على الدولة السورية ما بعد سقوط النظام السوري، أهمها تحويل الدولة السورية إلى نسخة مطابقة لما يحصل في الجمهورية الليبية ما بعد سقوط القذافي والتي تعاني اليوم من فقدان الأمن وتفشي السلاح وانتشار للميليشيات المسلحة مما أدى ذلك إلى عجز الحكومة الليبية عن تسيير شؤون الدولة في ظل غياب الحوار وطفح لغة التهديد بالسلاح لتحقيق المطالب. أما من جهة أخرى، فنجد أن مبادرة الخطيب جاءت لترسم ملامح المستقبل السوري فعندما يرشح معاذ الخطيب أتباع النظام السوري لقيادة المرحلة الانتقالية وهو الذي لم يكن مجرد عضو في الائتلاف السوري بقدر ماكان رئيساً له وعلى دراية كاملة به فنجد أن هذا الترشيح لم يكن ليأتي بسبب الخصومة بين الخطيب وبعض أعضاء الائتلاف في الآونة الأخيرة وإنما جاء لسبب أكبر من ذلك، ولعل هذا السبب يكمن في هشاشة الائتلاف والعجز الذي يعانيه والانقسام الذي أدى إلى ضياع المبادرات السابقة مما يجعل منه غير قادر على تحمل المسؤولية وليس باستطاعته إنهاء الأزمة الراهنة أو العمل على تسيير شؤون الدولة فيما بعد. مبادرة الخطيب حتى وإن قوبلت بالرفض من قبل النظام السوري فيجب أن تكون النواة الأولى لاستصلاح الائتلاف والعمل على إيجاد ركيزة أساسية لمهامه وإعادة هيكلته لإنهاء حالة الانشقاق وحتى يكون لقوى الداخل وجود وتمثيل، كما يجب أن تكون من أولوياته البحث عن مخرج للأزمة وليس البحث عن السلطة حتى وإن كلف الأمر السير في طريق التنازلات لحماية أرواح المدنيين والسعي لوقف إطلاق النار والابتعاد عن الطرق الاستفزازية المتمثلة بالتصعيد والتعنت، علاوة على هذا كله لابد من إغلاق الباب أمام تدخلات بعض الدول والتي تحاول قدر الإمكان فرض الرأي وإدارة الائتلاف كما حصل أبان ترشيح غسان هيتو لرئاسة الحكومة السورية المؤقتة وماتبعها من نتائج هي واحدة من الأسباب التي أدت إلى ما يعانيه الائتلاف اليوم وما سيعانيه في الغد.