إن الحياة دقائق وثوان هذا عنوان لأحد الكتب للكاتب محمد فريد أبو حديد، قد حصلت عليه منذ أكثر من ستين عاماً.. وقد طبع بالمطبعة العالمية بالقاهرة، كما حصلت على بعض صادرات دار الهلال المصرية أثناء دراستي بدار التوحيد بالطائف عامي 71-1372ه منها: روايات الهلال - الهلال - كتاب الهلال، وغير ذلك من الكتب المترجمة وغيرها من قصص وروايات ولازلت محتفظاً بأعداد من تلك الكتب منذ عام 1372ه لسعة آفاق كتابها، وتعدد موضوعاتها المختلفة جيدة الأسلوب والسبك. كما أن الرعيل الأول من الزملاء طلاب دار التوحيد يقرؤون كثيراً، ويقتنون ما يطيب لهم من كتب وغالباً من مكتبة الزايدي لصاحبها علي بن خلف الزايدي الواقعة قرب مسجد الهادي ببرحة القزاز - آنذاك - وتكاد أن تكون هي الوحيدة بالطائف عدا المكتبتين الشهيرتين: مكتبة المؤيد الواقعة بمحلة الشرقية، ومكتبة المعارف لصديقنا الراحل الأستاذ الكبير محمد سعيد كمال - رحم الله الجميع- والذي شد ذهني وأثر في نفسي بعض عبارات ذاك الكتاب (مع الزمن)، إذ طوف مؤلفه بعوالم شتى مختلفة، وموضوعات متنوعة معظمها يدور حول سرعة انطواء عمر الإنسان، ناصحاً كل فرد بأن يبادر ويحاول تحقيق ما تصبو إليه نفسه من نفع في دنياه وأخراه. والعبارة التي أثرت في نفسي قوله (ليس في العمر متسع للتراخي والتناسي، أو التسويف عن التوبة من ذنب أقترفه مثلاً، أو لحل خلافات مع الغير، أو لعدم التمكن من الوفاء بشيء يرغب تحقيقه وهكذا)، بل ربما يستمر في التسويف ظناً منه أن زمام الوقت بيده إلى أن يباغته هادم اللذات فيندم ولات ساعة مندم: أجلتها لغد هذه مجازفة غد غيوب وأقدار وأخبار وقيل: أختم وطينك رطب إن قدرت فكم قد أمكن الختم أقواما فما ختموا ويقول الآخر: ما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها فمعاني هذه الأبيات رحبة المعاني تصلح في كل زمان ومكان، فاستثمار الوقت في حينه من علامات حزم الإنسان وتوفيقه، وفي زمننا الحاضر أخذ الناس يتعجبون من سرعة مرور أيام الزمن ولياليه، فالزمن هو الزمن لم يخرج عن إطاره المعلوم لا نقصاً ولا زيادة (أربع وعشرون ساعة) يتعاقب فيهن الملوان الليل والنهار، فالأمن وسعة الرزق والاطمئنان النفسي وراحة البال، جعلت البعض يحسون بضيق الوقت وبسرعة عجلة الزمن، وصدق القائل: إن الليالي من الزمان مهولة تطوى وتنشر بينها الأعمار فقصارهن مع الهموم طويلة وطوالهن من السرور قصار!! ويقول أبو تمام: أعوام وصل كاد ينسي طيبها ذكر النوى فكأنها أيام! ثم انقضت تلك السنون وأهلها فكأنها وكأنهم أحلام! والحمد لله على ما أنعم الله به على هذه البلاد بلاد الحرمين الشريفين من أمن ورخاء في ظل ملك القلوب الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأعوانه المخلصين: فلا زلت يا عين الزمان موفقا لك مساعي الخير مستوجب الحمد